للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تمهيد]

رأينا في حركات الخوارج الثورية على الخلافة الأموية والعباسية كيف أنها لم تفد في تحقيق ما يريدون من الإصلاح في الأوضاع السياسية والاجتماعية والدينية خلال هاتين الدولتين بل ولم يستطع الخوارج أن يقيموا من خلالها مجتمعا خاصا بهم يحكمهم حسب آرائهم، وإنما كانت تلك الحركات مجرد فورات سرعان ما ينتهي أمرها – طال الأمد أو قصر – بإضعاف شوكة الخوارج أو القضاء على فلولهم المهزومة.

وإذا كانوا قد شغلوا الخلافة الإسلامية خلال هذه السنوات الطويلة فإن الصراع الذي دار بينهم وبينها لم تكن محصلة إيجابية بالنسبة لهم أو لغيرهم، وإنما كانت محصلته هو إنهاك قوة الدولة وقوتهم هم أيضا في تلك الحروب الأهلية الضارية.

حقا قد كانت جيوش الخلافة بالمرصاد لهذه الحركات الثائرة وسط الدولة الإسلامية وفي المناطق التي سهل على تلك الجيوش لقاؤهم بها ولا سيما إبان قوة هذه الدولة.

ومع ذلك فقد أفلح بعض الخوارج في بعض المناطق الوعرة في الدولة الإسلامية كعمان وفي الأطراف النائية لتلك الدولة كالمغرب العربي – أفلح هؤلاء الخوارج في إقامة دولة لهم كان لهم فيها حكم ولهم عليها سلطان، وتتمثل تلك الدولة الخارجية في دولة الإباضية في عمان ودولتهم هم والصفرية في المغرب العربي، وسوف نوجز الحديث هنا عن هاتين الدولتين وأئمتهم وموقف الخلافة الإسلامية منهم.

المصدر:الخوارج تاريخهم وآراؤهم الاعتقادية وموقف الإسلام منها لغالب عواجي– ص١٦١

<<  <  ج: ص:  >  >>