[المبحث الأول: موقف المعتزلة من الصحابة رضوان الله عليهم]
ونتيجة أخرى من نتائج الاعتزال – أو فضيحة أخرى من فضائحه – الذي ينتسب إلى العقل زورا وبهتانا، وينتسب إليه العقلانيون تمحكا وتسترا، هي موقفهم المخزي من الصحابة والتابعين، فقد طعن كبراؤهم في أكابر الصحابة، وشنعوا عليهم ورموهم بالكذب ونسبوا إليهم التناقض وإليك أمثلة من ذلك.
قول إبراهيم النظام مفخرة المعتزلة وشيخها المتقدم الموصوف بالنبوغ والنباهة! في أبي بكر الصديق: فقد رماه بالتناقض حين سئل عن آية من كتاب الله فقال أي سماء تطلني وأي أرض تقلني أم أين أذهب أم كيف أصنع إذا أنا قلت في آية من كتاب الله بغير ما أراد الله، وحين سئل في الكلالة قال: أقول فيها برأيي فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمني – هي ما دون الولد والوالد. قال: فهذا تناقض وكيف يجترئ على القول بالرأي من يخشى الله ويستعظم القول عليه كما في القول الأول!.
وكذب؛ فإن قول أبي بكر الأول إنما قاله حين سئل عن آية من المتشابه من القرآن وهذا جواب الراسخين في العلم حين يسألون عن المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله، وأما قوله الثاني: فإنه واجب على العلماء أن يبينوا للناس أحكام دينهم وأن يجتهدوا لهم حتى لا يكون الأمر فوضى، والمقصود بقوله الثاني:"أقول فيها برأيي" ليس هو الرأي المذموم أي الكلام دون علم أو دليل، وإنما المقصود بنظري وما أوصلني إليه علمي، ثم احترز من الخطأ فنسب الصواب إلى الله تعالى ونسب الخطأ إلى نفسه تأدبا. . وكيف لا وهو صديق الأمة وخليل نبيها!.
وقد طعن بمثل ذلك في علي بن أبي طالب حين سئل عن بقرة قتلت حمارا، ومثله في عبد الله بن مسعود في حديث بروع بنت واشق.
كذلك شدد الحملة – هو وغيره من المعتزلة والروافض - على أبي هريرة رضي الله عنه فقال: لقد أكذبه عمر وعثمان وعلي وعائشة. . كذب إذ أن ذلك محض اختلاف وجهات النظر كما بين الفقهاء كلهم، لا يحمل ذلك على بغضاء ولا يؤدي إلى تنافر ولا إلى الحط من قيمة أحدهم، وقد كذب على عمر بن الخطاب فادعى أنه قضى في الجد بمائة حكم مختلف! فسبحان الله العظيم أين تلك الأقضية ومن حفظها!؟.