للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أتت جهود التوعية التي قام بها الأئمة الأوائل لتنفير الجماهير المسلمة من المعتزلة وآرائهم كلها حتى صار اسم الاعتزال مرادفا للابتداع والخروج عن الشرع الذي يوجب الترك والتجنب. فهذا محمد الباقر ينعي على أخيه زيد بن علي بن الحسين السبط أخذه لمذهب المعتزلة عن واصل بن عطاء (١).

وحين سئل قاضي القضاة أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم صاحب الإمام أبي حنيفة عن المعتزلة قال: هم الزنادقة. ورد الشافعي قبول شهادة المعتزلة وأهل الأهواء أسوة بمالك وفقهاء أهل المدينة (٢).ويصف ابن عبد البر المعتزلة بأنهم أهل البدع، ويقول عن كتبهم إنها كتب أهل الأهواء والبدع (٣).وحين يذكر القاضي عبد الجبار عند بعض النقاد يصفه بالثقة في حديثه إلا أنه يستدرك بقوله (لكنه داع إلى البدعة) (٤).ويصف السيوطي أحدهم بأنه فقيه إلا أنه مهجور القول عند الأئمة لميله إلى الاعتزال (٥).وهكذا فقد صار المعتزلة حتى أيام الفحول منهم عنوانا على المروق عن الدين والبعد عن الشريعة، وقد انعكس هذا حتى على رؤى العلماء والصالحين: فهذا ثابت البناني وعاصم الأحول يريان عمرو بن عبيد في المنام وهو يحك آية من المصحف مدعيا إبدالها بخير منها فلم يستطع (٦).وفي هذه الرؤيا إشارة إلى تحريف المعتزلة لما جاء صريحا في القرآن كالرؤية وغيرها. وقال حماد (أبو سلمة): (رأيت كأن الناس يصلون يوم الجمعة إلى القبلة وهو مدبر عنها، فعلمت أنه على بدعة، فتركت الرواية عنه (٧).كما أن إسماعيل بن مسلمة القعنبي رآه في ثلاث ليال متتالية في النار (٨) كما رآه محمد بن عبد الله الأنصاري في النوم قد مسخ قردا.

المصدر:موقف المعتزلة من السنة النبوية لأبي لبابة حسين – ص ١٥١


(١) ((مقدمة ابن خلدون)) (٣٥٠).
(٢) ((الفرق بين الفرق)) (١٧١).
(٣) ((جامع بيان العلم وفضله)) (٢/ ١١٦).
(٤) ((فضل الاعتزال)) (١٢٦).
(٥) ((تدريب الراوي)) (١/ ٧٢).
(٦) ((ميزان الاعتدال)) (٣/ ٢٧٣).
(٧) ((ميزان الاعتدال)) (٣/ ٢٧٦).
(٨) ((ميزان الاعتدال)) (٣/ ٢٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>