المطلب الأول: وسطيتهم بالنسبة للإيمان بذات الله تعالى فإن الله تعالى في عقيدة أهل السنة لا يشبه شيئاً ولا يشبهه شيء فذاته بخلاف ما يتصور العقل، له ذات تليق بجلاله وله صفات تليق بجلاله وله أسماء تليق بجلاله حتى ولو كانت صفاته وأسماؤه قد أطلقت على المخلوق فإن العقل يدرك تماماً أن مجرد الاتفاق في التسمية لا يدل على المماثلة وهو واضح في المخلوقات تمام الوضوح فكيف بالخالق سبحانه وتعالى ولقد ضلت سائر الملل عن هذا المنهج فبعضهم وصف ذات الله تعالى بأنها كذوات خلقه وهم اليهود والمشبهة, وبعضهم وصفوا غير الله تعالى بذات الله كالنصارى حينما ادعوا أن المسيح ابن الله وأنه إله، واليهود وصفوه عزّ وجلّ بأنه قد كبر وشاخ ولم يعد قادراً على تصريف الأمور إلا بمشورة موسى عليه السلام (١) كما تدل على ذلك التوراة ونصوص التلمود وتصريح زعماء إسرائيل ووصفوه بالنقص وألحقوا العيوب به فلا فرق بينه وبين خلقه تعالى في مفاهيم المنحرفة.
ولكن عند المسلمين هو سبحانه: أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
وقرروا أن الكلام في الصفات فرع عن معرفة الذات فكما أن ذاته لا تشبه ذوات المخلوقين وهذا المفهوم السهل الواضح وهو ما عناه الرسول صلى الله عليه وسلم من أنه ترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ولولا ظهور الشبهات واستحواذ الشياطين على عقول المخالفين لكان تصور ما تقدم يكفي لردهم إلى الحق.
(١) وذلك حينما صرحت رئيسة وزراء إسرائيل في حرب الأيام الستة بقولها إن أمريكا هي إله إسرائيل