[المبحث الخامس: الرد على اعتقادهم جواز الاستغاثة بغير الله]
لقد وجّه إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، سؤال في هذا الموضوع، وفيما يلي نص السؤال والجواب:
السؤال: هل يمكن أن يعين ولي من أولياء الله أحداً من بعيد، مثلاً يسكن رجل في الهند ويسكن ولي في السعودية، فهل يمكن أن يعين السعودي الهندي إعانة بدنية مع أن السعودي موجود في السعودية والهندي موجود في الهند؟
الجواب: يمكن أن يعين الأحياء من الأولياء وغير الأولياء من استعان بهم في حدود الأسباب العادية، ببذل المال أو شفاعة عند ذوي سلطان مثلاً أو إنقاذ من مكروه ونحو ذلك من الوسائل التي هي في طاقة البشر، حسب ما هو معتاد ومعروف بينهم.
أما ما كان فوق قوى البشر من الأسباب غير العادية، كالمثال الذي ذكره السائل، فليس ذلك إلى العباد، بل هو إلى الله وحده لا شريك له، فهو القادر على كل شيء، وهو الذي إليه السنن الكونية، يمضي منها ما شاء أو يخرق منها ما شاء، ولهذا كانت له دعوة الحق وإليه الملجأ وحده وبه العون دون سواه، فإنه وحده الذي أحاط بكل شيء علماً ووسع كل شيء حكمة ورحمة. ولا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ولا راد لما قضى وهو على كل شيء قدير. قال تعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ [الأحقاف:٥ - ٦]. وقال تعالى: إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:١٤]. وعلمنا في سورة الفاتحة أن نقول: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:٥]. كما أمرنا النبي، صلى الله عليه وسلم، ألا نسأل إلا الله ولا نستعين إلا به بقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله)) (١).
وجاء أيضاً في فتاوى اللجنة الدائمة ما يلي:
"الاستعانة بالحي الحاضر القادر فيما يقدر عليه جائزة، كمن استعان بشخص فطلب منه أن يقرضه نقوداً أو استعان به في يده أو جاهه عند سلطان لجلب حق أو دفع ظلم.
والاستعانة بالميت شرك وكذلك الاستعانة بالحي الغائب شرك؛ لأنهم لا يقدرون على تحقيق ما طلب منهم لعموم قوله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:١٨] وقوله سبحانه: وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ [يونس:١٠٦] وقوله عز وجل: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:١٣ - ١٤]. والآيات في هذا المعنى كثيرة والله المستعان.
المصدر:الديوبندية لأبي أسامة سيد طالب الرحمن - ص ٧٤ - ٧٦
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - عمن يزور القبور ويدعو الأموات وينذر لهم ويستغيث بهم ويستعين بهم، لأنهم كما يزعم أولياء لله، فما نصيحتكم لهم؟
فأجاب بقوله: "نصيحتنا لهؤلاء وأمثالهم أن يرجع الإنسان إلى عقله وتفكيره، فهذه القبور التي يُزعم أن فيها أولياء تحتاج:
(١) رواه الترمذي (٢٥١٦) وقال: صحيح. وقال ابن رجب في ((جامع العلوم والحكم)) (١/ ٤٥٩): حسن جيد