للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الأول: الجهل]

لقد حثّ الله تعالى على العلم وبين منزلة العلماء والثواب العظيم عند الله قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [المجادلة: ١١].

وذم الله تعالى الجهل وحذر منه وبيّن أنه سبب إعراض المعرضين عن دعوة الأنبياء والمرسلين وأن الناس لجهلهم كذبوا بهم يقول تعالى مخبراً عن قول نوح لقومه: وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ [هود: ٢٩].

وذكر سبحانه أن الجهل هو الذي دفع قوم لوط لعمل جريمتهم البشعة من اللواط, يقول تعالى: أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ [النمل: ٥٥]

والجهل أيضا يدفع الناس للشرك بالله قال تعال عن موسى عليه السلام وقومه: وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَآئِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ [الأعراف: ١٣٨].ويعتبر ظهور الجهل وانتشاره من علامات قرب وقوع الساعة ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن بين يدي الساعة لأياما ينزل فيها الجهل ويرفع فيها العلم ويكثر فيها الهرج والهرج: القتل)) (١).وقال أيضا: ((إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنا)) (٢).فرتب عليه السلام على قلة العلم ورفعه وظهور الجهل وكثرته كثرة وقوع المحرمات وانتهاكها ومن أعظمها القتل وهو الهرج وهذا القتل الذي يقع هو: بين المسلمين بعضهم البعض وهو دليل على تفرقهم ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن بين يدي الساعة لهرجا قال: قلت يا رسول الله ما الهرج؟ قال: القتل ... ثم قال: ليس بقتل المشركين ولكن يقتل بعضكم بعضا ... الحديث)) (٣)

وهذا الجهل الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيقع في الأمة وأنه سيكون من أسباب تفرقها هو جهل بأمرين.

أـ الجهل بعلوم الشريعة.

ب ـ الجهل باللغة العربية.


(١) رواه البخاري (٧٠٦٣)، ومسلم (٢٦٧٢). من حديث عبد الله بن مسعود وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما.
(٢) رواه البخاري (٨٠)، ومسلم (٢٦٧١). من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٣) رواه ابن ماجه (٣٢١٣)، وأحمد (٤/ ٣٩١) (١٩٥١٠)، والحاكم (٤/ ٤٩٨، ٥٦٥). من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>