للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد دعا الله سبحانه المؤمنين كافة بالدخول في الإسلام وطاعة الله عز وجل والتمسك بها وأمرهم بلزومها وحذرهم من خطوات الشيطان وخطراته التي يوسوس بها ليصدهم عن دين الله ويفرقهم عن صراطه المستقيم فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ [البقرة: ٢٠٨] ولقد تفطن علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى مكائد الشيطان وحيله ونبه عليها فقال حينما قتل الخوارج بالنهروان: بؤساً لكم! لقد ضركم من غركم فقالوا: يا أمير المؤمنين ومن غرهم؟ قال: الشيطان وأنفس بالسوء أمارة غرتهم بالأماني وزينت لهم المعاصي ونبأتهم أنهم ظاهرون (١).

وبين الإمام شمس الدين محمد بن قيم الجوزية كيد الشيطان وحيله أنه بإلقاء الشبهات فيها وتزيين الآراء والبدع لها فيقول رحمه الله: ومن مكائده أنه يسحر العقل دائما حتى يكيده ولا يسلم من سحره إلا من شاء الله فيزين له الفعل الذي يضره حتى يخيل إليه أنه أنفع الأشياء وينفره من الفعل الذي هو أنفع الأشياء له حتى يخيّل له أنه يضره فلا إله إلا الله كم فتن بهذا السحر من إنسان؟! وكم حال بين القلب وبين الإسلام والإيمان والإحسان؟ وكم جلا الباطل وأبرزه في صورة مستحسنة وشنع الحق وأخرجه في صورة مستهجنة؟ وكم بهرج من الزيوف على الناقدين وكم روج من الزغل على العارفين؟ فهو الذي سحر العقول حتى ألقى أربابها في الأهواء المختلفة والآراء المتشعبة وسلك بهم من سبل الضلال كل مسلك وألقاهم من المهالك في مهلكٍ بعد مهلك (٢)

أسأل الله عز وجل أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.

المصدر:موقف الصحابة من الفرقة والفرق لأسماء السويلم - ص١٧٨ - ١٨٤


(١) انظر: ((البداية والنهاية)) لابن كثير (٧/ ٢٨٨).
(٢) ((إغاثة اللهفان)) (١/ ١٣٠) باختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>