[المطلب الأول: الاستغاثة بأرواح الأحياء والأموات]
عقيدة الاستغاثة والاستعانة بالأموات من أكبر عقائد الديوبندية. وإليكم نص ما قاله شبير أحمد العثماني (١٣٦٩هـ)؛ قال في تفسير قوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة: ٥]
) علم من هذه الآية الشريفة: أنه لا يجوز الاستمداد في الحقيقة من غير الله، ولكن إذا جعل شخص مقبول واسطة لرحمة الله، وطلب منه العون على اعتقاد أنه غير مستقل في الإعانة، فهذا جائز؛ لأن هذه الاستعانة بهذا الولي في الحقيقة استعانة بالله تعالى (.
وقالوا إن الاستمداد من أرواح الأموات هو عقيدة جميع أهل السنة بدليل أن الله تعالى قد سخر الملائكة لإعانة خلقه ومددهم.
قلت: هذا الذي قاله هؤلاء الديوبندية هو اعتقاد جميع القبورية في استغاثتهم بالأموات. والاستعانة منهم عند إلمام الملمات فكلهم يقولون: إننا لا نستغيث بالأولياء على اعتقاد أنهم مستقلون بالنفع والضر؛ بل إن الله تعالى جعلهم وسيلة وواسطة بينه وبين عباده لقضاء حوائجهم.
وقالوا: لا يتحقق الشرك إلا إذا اعتقد أحد فيهم الاستقلال بالنفع والضر والقدرة دون العطاء من الله تعالى.
وقد أبطلت هذه العقيدة بكلام علماء الحنفية بحمد الله وبينت على لسان علماء الحنفية: أن المشركين السابقين أيضاً لم يعتقدوا في آلهتهم القدرة الذاتية والاستقلال بالنفع والضر وإنما كان شركهم شرك الشفاعة والواسطة والتوسل.
فكلام الديوبندية وغيرهم من القبورية لا يختلف عن كلام المشركين السابقين.
المصدر:جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية لشمس الدين السلفي الأفغاني-٢/ ٧٨٧، ٧٨٨
يقول الشيخ مناظر أحسن الكيلاني:
"فلسنا ننكر الاستغاثة بأرواح المشايخ".
وقال الشيخ نجم الدين الديوبندي:
"إن علماء ديوبند لا يقولون إن الإنسان لا يتصرف البتة في حياته أو بعد مماته".
وتزيد هذه العقيدة إيضاحاً القصة التالية:
"حكى الشيخ أشرف علي التانوي عن الشيخ نظام الدين عن الشيخ عبدالله هراتي قال حدثنا الولائتي وهو ثقة أن صديقاً له وكان من المبايعين على يد الشيخ إمداد الله المكي. سافر للحج راكباً في سفينة (باخرة). فاصطدمت بصخرة وكادت أن تغرق أو تصدم مرة أخرى فتنكسر قطعاً، فأيقن بالهلاك ويئس من النجاة وفي هذه الحالة توجه نحو الشيخ والتمس منه العون قائلاً: أية ساعة أحرى أن تغيثني فيها من هذه الساعة، والله سميع بصير ومدبر مطلق، فخرجت السفينة سالمة ونجا ركابها؛ هذا ما حصل في السفينة.
وأما ما حصل في بيت الشيخ، فإنه في اليوم التالي أمر خادمه أن يكبس ظهره لألم فيه شديد، فرفع الخادم قميص الشيخ وهو يكبس ظهره، فإذا فيه خداش وجلده منخرق من مواضع عديدة، فسأل الخادم عن سبب خداش ظهره وإصابة جلده فقال الشيخ: ليس بشيء، فأعاد عليه السؤال فلم يجب الشيخ، فقال الخادم: يا سيدي إنك لم تخرج من بيتك ولم تذهب إلى مكان فكيف خدش ظهرك؟.
فلما رآه ملحاً أجاب الشيخ قائلاً: إن باخرة كادت أن تغرق وفيها أخ لك في الدين والسلسلة وأقلقني تضرعه، فرفعت الباخرة على ظهري حتى جرت سالمة ونجا عباد الله، فلعل هذا الخداش من أثره، ولذلك أحس بالألم، ولكن لا تخبر بهذه القصة أحداً".
وهناك قصة أخرى في هذا الموضوع، قريبة من القصة المذكورة أعلاه، ما ملخصها: