للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الخامس: أدلة الإثبات على قولهم بالتحريف:]

أما العلماء فمتواطئون على هذه العقيدة. لكن بين مصرح وملمح. ولنا على ذلك دليل الإجمال، ودليل التفصيل:

أولاً: دليل الإجمال: فإن المنكرين يتظاهرون بالقول بتكفير من اعتقد بالتحريف، وخروجه من الملة (١).

فلو كانوا صادقين فيما يقولون لصرحوا بكفر من يقول بالتحريف من علمائهم، وهم كثر وكلامهم صريح. ومنهم من أفرده بمؤلف خاص. لكننا لا نجد أحداً من المنكرين من الأولين والآخرين كفّر واحداً من أولئك القائلين بالتحريف على مدار تاريخهم! بل - وفوق ذلك - يدافعون عنهم دفاعاً مستميتاً، ويوثقونهم أعلى ما يكون التوثيق. خذ الكليني والمفيد والمجلسي والطبرسي مثلاً!

ثانياً: دليل التفصيل:

فإن كتب القوم مشحونة شحناً بهذه العقيدة. وهذه شواهد قاطعة على ما أقول:

شواهد قاطعة:

كثير من علماء الإمامية يصرح تصريحاً بأن القرآن لحقه التحريف من قبل الصحابة الذين تآمروا على علي و (أهل بيته) فمحوا فضائلهم التي وردت بنص التنزيل. بل إن بعض هؤلاء العلماء تجرأوا فأفردوا لإثبات ذلك مصنفات كاملة في هذا الموضوع!! مثل المخذول الميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي في كتابه: (فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب). وهو من كبار علماء ومحدثي الطائفة، وموثق لديهم بالإجماع، فهو صاحب أحد الأصول والمراجع الروائية الثمانية المعتمدة لديهم والمسمى (مستدرك الوسائل) الذي قالوا عنه: "لا يمكن أن يصل العالم إلى درجة الاجتهاد حتى يقرأ كتاب المستدرك للنوري الطبرسي". ولمكانته العظيمة عندهم دفنوه بجوار مرقد علي رضي الله عنه في الإيوان الثالث من صحن المرقد. قال عنه عباس القمي (وهو تلميذه) في كتاب (الكنى والألقاب): (الشيخ الأجل ثقة الإسلام والمسلمين مروج علوم الأنبياء والمرسلين إلخ).

عرض موجز لكتاب (فصل الخطاب):

يقول الطبرسي هذا في أول صفحة من كتابه المذكور:

هذا كتاب لطيف وسفر شريف عملته في إثبات تحريف القرآن وفضائح أهل الجور والعدوان وسميته (فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب). ومخطوطة الكتاب في أربعمائة صفحة. توجد نسخة منها في مكتبة الأوقاف المركزية في بغداد المحروسة تحت رقم (٢٣٠٧٢). والنسخة الموجودة عندي صورة عنها.

والكتاب كله محاولة مخذولة بذل صاحبها فيها جهداً كبيراً من أجل أن يثبت أمرين اثنين فقط, أولهما: تحريف القرآن، والثاني: أن هذا الاعتقاد هو مذهب علماء الطائفة الاثني عشرية جميعاً. أما من صرح منهم بعدم التحريف فيقول عنهم أن ذلك خرج منهم مخرج التقية. وقد استدل على هذا الخروج باستدلالات قوية. وأوّلَ كلامهم بأنهم يقصدون القرآن المحفوظ عند (الإمام الغائب).‍

ملخص الكتاب:

وملخص الكتاب: ثلاث مقدمات وبابان:

المقدمة الأولى: (ص١ - ٢٣): ذكر فيها جمع القرآن وسببه وأن كيفيته عرّضت القرآن للنقص.


(١) من المعلوم لدى المحققين عدم وجود قول محرر لأي عالم معتبر من علماء الإمامية في أي مصدر من مصادرهم بتكفير معتقد التحريف!! غير أنهم عند الإحراج يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم. وقد التقيت الشيخ جواد الخالصي ونحن متوجهون إلى الحج العام الماضي (١٤٢٦هـ). وأثناء الحديث قلت له: لماذا لا تكفرون من يقول بالتحريف من علمائكم؟ فأجابني: ولماذا نكفر من يقول بالتحريف؟

<<  <  ج: ص:  >  >>