للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن منطق الأخبار يكذب جابراً، وبالتالي يكذب رواية الكليني عنه فيما عزاه إلى سيدنا محمد الباقر، بدليل أن علياً كرم الله وجهه لم يكن يعمل في مدة خلافته وهو بالكوفة إلا بمصحف سيدنا عثمان الذي هو بين أيدينا الآن، ولو كان عند سيدنا علي غيره - وهو خليفة حاكم - لعمل به، ولأمر المسلمين بالعمل به وتعميمه، ولو كان عنده مصحف غيره وكتمه عن المسلمين لكان خائناً لله ولرسوله وللمؤمنين، وحاشا أن يكون سيدنا علي كذلك. هذا هو رد أهل السنة على فرية جابر في حديثه إلى الكليني، وفي كذب كليهما على سيدنا محمد الباقر. هذا ما كان من أمر كذب الكليني على سيدنا محمد الباقر. بقي أن نذكر كذبة أكبر وأخطر اقترفها الكليني في حق سيدنا جعفر، وسيدتنا الطاهرة البتول فاطمة الزهراء بنت سيد الخلق والبشر، يزعم الكليني أن سيدنا جعفراً الصادق قال لأبي بصير: "وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام، قال: وما مصحف فاطمة؟ قال الإمام: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله! ما فيه من قرآنكم حرف واحد" (١).

ويلح بعض علماء الشيعة إلحاحًا شديدًا - على ما تصوره - على تحريف القرآن الكريم. إن واحداً من كبار علماء النجف في نهاية القرن الثالث عشر وبداية القرن الرابع عشر، هو الحاج ميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي ألف كتاباً سنة (١٢٩٢) هـ؛ أسماه (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب (رب الأرباب)، ملأه بالأكاذيب حول زيادات زعم أنها أُضيفت إلى القرآن، وآيات حُذفت منه، ولما واجهه علماء الشيعة بالنقد والاعتراض عاد فألف كتاباً آخر يرد فيه على اعتراضاتهم وأسماه (رد بعض الشبهات عن فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب). وقد ضم الكتاب بعض الزيادات من تلفيق المؤلف، فصنع سورة أسماها "سورة ولاية علي" ونسبها إلى الله سبحانه يقول فيها: يا أيها الذين آمنوا بالنبي والولي اللذين بعثناهما يهديانكم إلى الصراط المستقيم .. إلخ.

إننا لا نحب الإطالة في هذا الموضوع إجلالاً لكتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولكن الأمر الذي لا شك فيه هو أن فريقاً من الشيعة يعتقد التحريف في القرآن الكريم بالزيادة والنقصان، كقولهم: إن آية (وجعلنا علياً صهرك) قد أسقطت من سورة الشرح، مع أن السورة مكية، ولم يكن علي قد أصهر إلى الرسول بعد.

كما أن البعض يزعم أن هنالك قرآنين لا قرآناً واحداً، وهي مزاعم ينكرها كثير من عقلاء الشيعة وعلمائهم، وفي مقدمة هؤلاء جميعاً العلامة الدكتور الموسوي الذي يقول: "إن كل ما قيل وذكر في الكتب الشيعية عن مصحف الإمام علي ليس أكثر من إضفاء هالة من الغلو على شخصية الإمام علي، حسب زعم الذين كانوا وراء وضع هذه الأساطير، وإثبات أن الإمام علياً أحق بخلافة الرسول من غيره، ولكنهم في الحقيقة أساءوا إلى الإمام، فأعلنوا أنه يخفي أحكاماً إلهية فيها حدوده وحلاله وحرامه وكل ما تحتاج إليه الأمة إلى يوم القيامة".ويمضي الدكتور الموسوي قائلاً: "إن بعض علماء الشيعة تحدث في كتبه عن مصحف فاطمة مضافاً إلى مصحف علي"، ويعقب الدكتور الموسوي بأن موقفه من هذا الرأي هو الموقف نفسه من مصحف علي (٢).

المصدر:إسلام بلا مذاهب لمصطفى الشكعة - ص ٢٠٨


(١) ((الكافي)) (ص٢٣٨).
(٢) ((الشيعة والتصحيح)) (ص١٣٤ - ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>