[المطلب الثاني: أقوال أهل العلم عن الشيخ عبد القادر وما نسب إليه]
قال الإمام الذهبي خاتماً ترجمة الشيخ عبد القادر بقوله: (وفي الجملة الشيخ عبد القادر كبير الشأن، وعليه مآخذ في بعض أقواله ودعاويه، واللهُ الموعد، وبعض ذلك مكذوب عليه).
وقال عنه الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: "كان له سمت حسن، وصمت غير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان فيه زهد كثير، وله أحوال صالحة ومكاشفات، ولأتباعه وأصحابه فيه مقالات، ويذكرون عنه أقوالاً وأفعالاً، ومكاشفات أكثرها مغالاة، وقد كان صالحاً ورعاً، وقد صنف كتاب (الغنية)، و (فتوح الغيب)، وفيهما أشياء حسنة، وذكر فيهما أحاديث ضعيفة وموضوعة، وبالجملة كان من سادات المشايخ".
وقال الحافظ ابن رجب معتذراً لما صدر من الشيخ عبد القادر: "ومن ساق الشيوخ المتأخرين مساق الصدر الأول، وطالبهم بطرائقهم، وأراد منهم ما كان عليه الحسن البصري وأصحابه مثلاً من العلم العظيم، والعمل العظيم، والورع العظيم، والزهد العظيم، مع كمال الخوف والخشية، وإظهار الذل والحزن والانكسار، والازدراء على النفس، وكتمان الأحوال والمعارف والمحبة والشوق ونحو ذلك، فلا ريب أنه يزدري المتأخرين، ويمقتهم، ويهضم حقوقهم، فالأولى تنزيل الناس منازلهم، وتوفيتهم حقوقهم، ومعرفة مقاديرهم، وإقامة معاذيرهم، وقد جعل الله لكل شيء قدراً.
ولما كان الشيخ أبو الفرج بن الجوزي عظيم الخبرة بأحوال السلف والصدر الأول، قل من كان في زمانه يساويه في معرفة ذلك، وكان له أيضاً حظ من ذوق أحوالهم، وقسط من مشاركتهم في معارفهم، كان لا يعذر المشايخ المتأخرين في طرائقهم المخالفة لطرائق المتقدمين ويشتد إنكاره عليهم.
وقد قيل: إنه صنف كتاباً ينقم فيه على الشيخ عبد القادر أشياء كثيرة.
إلى أن قال: وللشيخ عبد القادر - رحمه الله - كلام حسن في التوحيد والصفات، والقدر، وفي علوم المعرفة موافق للسنة.
وله كتاب (الغنية لطالبي طريق الحق)، وهو معروف، وله كتاب (فتوح الغيب)، وجمع أصحابه من مجالسه في الوعظ كثيراً، وكان متمسكاً في مسائل الصفات والقدر ونحوها بالسنة، بالغاً في الرد على من خالفها).
ولا شك أن الكمال لله وحده، وكل يؤخذ من قوله ويترك إلا الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا ينبغي لأحد أن يقلد دينه الرجال، أو أن يقلد أحداً في كل ما يقول سوى الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ وينبغي للمسلم أن يزن كلام أي إنسان بميزان الشرع، فما وافق الكتاب قبل وما خالف الكتاب والسنة رُدَّ ولا كرامة. لقد أمرنا الله باتباع الطريقة المحمدية والتمسك بالسنة المرضية ونبذ ما سواها من الطرق الصوفية وغير الصوفية البدعية، وما عداها من المناهج: "وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرَّق بكم عن سبيله"، وقال رسوله الناصح الأمين: ((وستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة؛ قيل: ما الواحدة؟ قال: ما أنا عليه اليوم وأصحابي)) (١) , فمن كان على ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحبه الكرام فهو الناجي، ومن خالف ذلك فهو الهالك الخاسر.
عليك أخي الحبيب بالحنيفية السمحاء، والمحجة البيضاء، والطريقة المثلى، طريقة النبلاء الشرفاء، أتباع الرسل والأنبياء، وإياك إياك أن تنتمي إلى غيرها من هذه الطرق، فكلها والله بدع ومخالفات وعقائد فاسدة ومناهج منحرفة.
المصدر:عبد القادر الجيلاني الشيخ المفترى عليه - الأمين محمد الحاج
(١) رواه الترمذي (٢٦٤١) , والحاكم (١/ ٢١٨) , واللالكائي في ((شرح أصول إعتقاد أهل السنة والجماعة)) (١/ ١٠٠) والآجري في ((الشريعة)) (١/ ١٣) , من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه, قال الترمذي هذا حديث مفسر غريب لا نعرفه مثل هذا إلا من هذا الوجه, وقال ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (٥/ ٣١٦): في طريقه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي , وحسنه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).