للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث التاسع: تعظيمهم لسلمان الفارسي والأيتام الخمسة]

إن النصيرية لهم ثالوثا يؤمنون به وهو: (ع. م. س.)

فالعين: هو علي بن أبي طالب وهو المعني بالذات الإلهية,

والميم: هو محمد صلى الله عليه وسلم وهو الاسم والحجاب والنبي الناطق,

أما السين: فهو سلمان الفارسي وهو الباب الذي خلقه - كما يزعمون - محمد صلى الله عليه وسلم وبالتالي هو الذي خلق الأيتام الخمسة الذين بيدهم مقاليد السماوات والأرض.

ومما يذكر في هذا المقام أن سلمان فارسي الأصل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه يحتل مكانا عظيما وجليلا عند جميع طوائف الشيعة على اختلاف عقائدها وأسمائها, لأنهم يزعمون أنه من الصحابة القلائل الذين ناصروا وشايعوا عليا ووقفوا إلى جانبه في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام وكذلك في عهد أبي بكر وعمر وعثمان وهذا الأمر واضح في كتب الشيعة جميعهم التي تأتي بقصص مختلقة ليس لها أي أساس تاريخي بطلها الحقيقي سلمان في موقف الدفاع عن علي بن أبي طالب ضد أعدائه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم, كما تصور هذه القصة.

أما الأيتام الخمسة الذين ورد ذكرهم فهم أيضا من الصحابة المعظمين عند كل الشيعة, وهؤلاء هم:

المقداد,

وأبو ذر الغفاري,

وعبد الله بن رواحة,

وعثمان بن مظعون,

وقنبر بن داكان,

وجميعهم من الصحابة ما عدا قنبر فإنه خادم علي بن أبي طالب.

وقد أخذت النصيرية عن الشيعة هذا التعظيم لهؤلاء ولكن بوجه آخر: وهو اعتبار سلمان والأيتام الخمسة هم الذين خلقوا العالم والموكلون بأموره.

فسلمان في نظرهم هو النفس الكلية التي انبثقت من العقل - محمد صلى الله عليه وسلم - ويعتقدون أن سلمان أو النفس الكلية هي التي خلقت السماوات والأرض وخلقت كذلك الأيتام الخمسة والمقداد باعتباره أول الأيتام الخمسة فقد خلق الناس ولذلك فهو رب الناس - تعالى الله عما يقولون-.

وهذا الاعتقاد في الواقع دخيل من عدة مذاهب واعتقادات لذا يجب أن نربطه بصورة طبيعية بالفلسفة الأفلاطونية الحديثة: التي تقوم على أن الموجودات فاضت عن الواحد ولها مراتب مختلفة أعلاها مرتبة العقول المفارقة.

ونربطه كذلك بمذهب الصابئة الذي يقول: أن للعالم صانعا فاطرا نتقرب إليه بالمتوسطات المقربين لديه وهم الروحانيين المطهرون المقدسون لديهم وهم أيضا الأرباب والآلهة والشفعاء عند الله رب الأرباب ويوجهون المخلوقات.

وينبغي أيضا كما يقول المستشرق ماسينيون: أن نقارن بين قائمة الأيتام عند النصيرية وقائمة الحدود الهندية أو العذارى الحكيمات لسليمان. فسلمان حسب زعمهم: خالق السماوات والأرض, وهو أيضا "الباب الناطق والشبح اللاصق الذي لا يوصل إليه - أي إلى الله - إلا به ولا يدخل إليه - أي الله - إلا منه متصل غير منفصل (١) ".ويزعمون أيضا أن "محمد صلى الله عليه وسلم بمنزلة الأب لهذه الأمة, وسلمان بمنزلة الأم (٢) " , "والذي علم القرآن لمحمد هو المعنى أي علي, على لسان الباب وهو سلمان (٣) " بصفته جبرائيل.

المصدر:الحركات الباطنية في العالم الإسلامي لمحمد أحمد الخطيب - ص٣٦٠


(١) ((مسائل عن المراتب)) – مخطوط – ورقة ٥٥ ب.
(٢) ((مخطوط مناظرة الشيخ يوسف الحلبي)) ورقة ٩٢ ب.
(٣) ((كتاب تعليم الديانة النصيرية)) – مخطوط – ورقة ١٦أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>