[المطلب الخامس: مسألة بشرية الرسول]
ومن غرائب ما يعتقده القوم مع انتسابهم إلى الإسلام واعتقادهم في القرآن وتسميتهم أنفسهم أهل السنة عقيدتهم في النبي صلى الله عليه وسلم بأنه نور من نور الله مع أن القرآن الكريم صرح ببشريته أكثر من مرة، وكما صرح أن الكفار في كل عصر من عصور الرسل وفي زمان سيد المرسلين لم ينكروا نبوة أولئك إلا لكونهم بشرا كما حكى الله عز وجل عنهم وعن إنكارهم في كلامه بقوله:
وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللهُ بَشَرًا رَّسُولاً [الإسراء: ٩٤]
ثم رد الله عليه بقوله:
قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاء مَلَكًا رَّسُولاً [الإسراء: ٩٥]
وحكى عن قوم قوم سبب إنكارهم وردهم على أنبياء الله ورسله فقال عن قوم نوح وعاد وثمود إنهم أنكروا، بقوله:
قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ [إبراهيم: ١٠] فرد عليهم الرسل مقرين ببشريتهم –
قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ [إبراهيم: ١١]
كما حكى الله عن أهل انطاكية:
وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا [يس: ١٣ - ١٥].
وعن فرعون وملائه:
ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا [المؤمنون ٤٥ - ٤٧]
وعن قوم نوح أنه إذا أرسل إليهم نوح صلوات الله وسلامه عليه:
تَتَّقُونَ ٢٣ فَقَالَ الْمَلأ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لأَنزَلَ مَلائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ [المؤمنون: ٢٤ - ٢٥].
وعن ثمود قوم صالح عليه السلام إنهم قالوا بنفس تلك المقولة فيه وهي:
مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ [المؤمنون: ٣٣ - ٣٤]
وأصحاب الأيكة أيضا قوال لعشيب:
وَمَا أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ [الشعراء: ١٨٦]
وكفار مكة قالوا بنفس ذلك القول لخاتم النبيين وسيد المرسلين:
وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ [الأنبياء: ٣]
فأجابهم الله بقوله:
قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ [الكهف: ١١٠]
قل سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً [الإسراء: ٩٣]
وبين للناس عامة عن جنس الرسول العظيم عليه الصلاة والسلام حيث قال:
لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ [عمران: ١٦٤]
ولَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ [التوبة: ١٢٨]
وقال: