للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا [البقرة: ١٥١]

والرسول عليه الصلاة والسلام نفسه أخبر عنه بقوله: ((إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني)) (١).وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما كان إلا بشرا من البشر يغسل ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه)) (٢).

فقد أورد البريلوي في كتابه رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من مولود إلا وفي سرته من التربة خلق منها حتى يدفن فيها، وأنا وأبو بكر وعمر خلقنا من تربة واحدة فيها ندفن)) (٣).

هذا ما قاله الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم عن بشرية الأنبياء وسيد الرسل خلافا للمنكرين الذين أنكروا نبوة الأنبياء ورسالة الرسل، فإنهم لم ينكروها إلا لاعتقادهم بأن البشر لا يمكن أن يكون نبيا، أو بتعبير آخر أن الأنبياء لا يكونون من البشر، لأن النبوة منافية للبشر، فالنبوة والبشرية لا تجتمعان فإما بشرا وإمانبيا، ولأنهم كانوا يعلمون علما يقينيا أن أولئك الأخيار بشر مثلهم، ولدوا بينهم وتناكحوا وتزوجوا وتناسلوا ويمشون في الأرض ويأكلون ويشربون ويلازمهم اللوازم البشرية أنكرو نبوتهم ورسالتهم.

وأما القوم وأمثالهم من الجهلة لما ولدوا في البيئة الإسلامية وبيوت المسلمين لم يستطيعوا إنكار نبوتهم ولكنهم اعتقدوا بنفس تلك العقيدة هي المنافاة بين البشرية والنبوة، فانكروا بشرية الأنبياء والرسل، والتجئوا إلى روايات موضوعة وحكايات باطلة وأساطير مختلقة، وإلى التأويل الباطني المستعار من غلاة الروافض والإسماعيلية لآيات القرآن الحكيم وأحاديث الرسول العظيم صلوات الله وسلامه عليه فقالوا: إن رسول الله ص نور من نور الله، وكل الخلائق من نوره" (٤).و "أن الله خلق الصورة المحمدية من نور اسمه البديع القادر ونظر إليها باسمه القاهر، ثم تجلى عليها باسم اللطيف الغافر" (٥).

وأما البريلوي فلقد كتب رسائل عديدة في أثبات نورانية محمد صلى الله عليه وسلم، منها: رسالته التي سماها "صلاة الصفا في نور المصطفى" فلقد كتب في مقدمتها بعربيته العجيبة: اللهم لك الحمد يا نور، يا نور النور، يا نور قبل كل نور، ونور يعد كل نور، يا من له النور، وبه النور، ومنه النور، وإليه النور، وهو النور، صل وسلم وبارك على نورك المنير الذي خلقته من نورك وخلقت من نوره الخلق جميعا، وعلى أشعة أنواره، آله وأصحابه وأقماره أجمعين" (٦).


(١) رواه البخاري (٤٠١) ومسلم (٥٧٢) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(٢) رواه أحمد (٦/ ٢٥٦) (٢٦٢٣٧) , والبخاري في ((الأدب المفرد)) (٤٢٠) , قال الذهبي في ((سير أعلام النبلا)) (٧/ ١٥٨): إسناده صالح. وصححه الألباني في ((صحيح الأدب المفرد)).
(٣) رواه الخطيب البغدادي في ((تاريخ بغداد)) (٢/ ٣١٣) قال الذهبي في ((تلخيص العلل المتناهية)) (٦٥): موضوع.
(٤) ((مواعظ نعيمية)) لأحمد يار البريلوي (١٤).
(٥) ((الفتاوى النعيمية)) (٣٧).
(٦) رسالة ((صلاة الصفا)) للبريلوي المندرجة في ((مجموعة رسائل)) (٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>