للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأدرج فيها رواية موضوعة باطلة ونسبها إلى الحافظ عبدالرزاق أنه أخرجها في مصنفه مع أنها لم ترد فيه، والرواية هذه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لجابر: يا جابر إن الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره، فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله تعالى، ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار ولا ملك ولا سماء ولا شمس ولا قمر ولا جن ولا إنس، فلما أراد الله تعالى أن يخلق الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء فخلق من الجزء الأول القلم، ومن الثاني اللوح، ومن الثالث العرش، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء، فخلق من الأول جملة العرش ومن الثاني الكرسي، ومن الثالث باقي الملائكة، ثم قسم الرابع أربعة أجزاء فخلق من الأول السموات، ومن الثاني الأرضين، ومن الثالث الجنة والنار، ثم قسم الرابع أربعة أجزاء الحديث بطوله" (١) (٢).

وعلق عليها بقوله: وقد تلقت الأمة هذا الحديث بالقبول، وإن تلقى الأمة بالقبول هو ذلك الشيء العظيم الذي لا حاجة للسند بعده" (٣).

فلا ندري أية أمة يقصدها البريلوي؟

إن يريد من الأمة أمثاله من الذين يتبعون الجهل والزيغ والاعوجاج فلا يضر، وإن يريد من الأمة علماءها والمهرة الحذقة في الحديث فلا وجود لتلقيهم بالقبول هذه الرواية ثم ومن قال بان تلقى الأمة بالقبول لرواية يجعلها في مرتبة لا ينظر إلى أسنادها؟،

وكيف وأن الرواية بظاهرها تعارض نصوص القرآن الصحيحة والأحاديث الثابتة من بشريته صلى الله عليه وسلم، والواقع أيضا يعارضها حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد في بيت عبدالله بن عبدالمطلب، وولد يتيما أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى [الضحى:٦]، وربي في خديجة وعائشة وزينب وحفصة وغيرهن عليهن شابيب الرحمة والرضوان، وشب وترعرع في مكة المكرمة واكتهل وهاجر إلى طيبة، وولد له الأولاد من إبراهيم والقاسم والطيب والطاهر، وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، وكان له أرحام وأصهار من أبي بكر وعمر وأبي سفيان ومن أبي العاص وعثمان علي رضوان الله عليهم أجمعين، وكان من أعمامه حمزة والعباس وأبو طالب وأبو لهب، ومن عماته صفية وأروى وله الأقارب من الحسب والنسب.

فما قيمة تلك الروايات الواهية أمام هذه النصوص والوقائع؟

ثم القوم ازدادوا في جهالاتهم فقالوا: إن محمد صلى الله عليه وسلم ليس بعين الله، ولا هو غير الله، هو مظهر صفات الله، محيى الأرواح، منه خلق الجن ومنه الإنس، ومنه ظهر العرش والكرسي، ومنه حواء ومنه آدم صلى الله عليه وسلم" (٤).والملائكة أيضا كما ذكر البريلوي: الملائكة شرر تلك الأنوار لأنه قال: من نوري خلق كل شيء" (٥).

ويقول: إن في مرتبة الوجود ليس إلا ذات الحق والباقي كله عكسه وظله، وكذلك في مرتبة الإيجاد إلا ذات محمد صلى الله عليه وسلم والباقي كله عكس فيضه وفي كماله" (٦).و "هو روح الأكوان وحياتها وسر وجودها ولولاه لذهبت وتلاشت" (٧).

وقال أيضا في بداية رسالته التي ألفها لإثبات كونه نورا ولا ظل له ولا في اسم – نفي الفي عمن أنار بنوره كل شيء –


(١) رسالة ((صلاة الصفا)) للبريلوي المندرجة في ((مجموعة رسائل)) (٣٣).
(٢) ذكره اللكنوي في ((الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة)) (١/ ٤٢) , والعجلوني في ((كشف الخفاء)) (١/ ٢٦٥).
(٣) رسالة ((صلاة الصفا)) للبريلوي المندرجة في ((مجموعة رسائل)) (٣٣).
(٤) ((ديوان ديدار علي)) (٤١).
(٥) ((صلاة الصفا)) للبريلوي المندرجة في ((مجموعة رسائل)) (١/ ٣٧).
(٦) ((صلاة الصفا)) (٦٠).
(٧) ((صلاة الصفا)) (٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>