[المطلب الثاني: إفساد العبادات]
أقحمت الصوفية على الإسلام عبادات غريبة عنه، منها:
(أ) مزجت الرياضة الإشراقية (الخلوة، والجوع، والسهر، والذكر الإرهاقي البدعي، والحضرة؛ (الراقصة والجالسة)، والرقص؛ (بنقص أو بدون نقص)، بالإسلام، وجعلتها طريق السير إلى الله (أي: إلى الألوهية).
(ب) في الوثنيات طقوس جاء الإسلام ليحاربها فيما يحارب، كعبادة الشيوخ والأولياء الذين كانوا في الجاهلية يسمون (الكهان)، يعبدونهم عملياً وينكرون ذلك نظرياً)، والاستغاثة بالقبور والأموات، وتقديس الأضرحة والحجارة والقبب والأشجار ... وغيرها.
وجاءت الصوفية ...
فأقحمت هذه الطقوس على الإسلام، وجعلتها عبادات يتقربون بها إلى الله، إلى جانب العبادات الأصلية، وكثيراً ما كنا نرى أناساً أضاعوا الصلاة وارتكبوا المنكرات، دون أي شعور بحرج، ومع ذلك كانوا ملتزمين بهذه الطقوس.
وجعلت الصوفية أتباعها يعتقدون أن الالتزام بهذه الطقوس هو من المنجيات، وأن إهمالها من المهلكات، بل وكثير من المتصوفة يعتقدون ويصرحون أنها كافية.
(جـ) ابتدعوا أقوالاً وأعمالاً أقحموها على العبادات الإسلامية الأصيلة، في أوائلها وثناياها وأواخرها، حتى صار أكثر المسلمين يتمسكون بها على أنها جزء من العبادة، لا يجوز تركه، وقد يقيمون القيامة على من يتركه، مثل: التلفظ بالنية للدخول في العبادة (تكبيرة الإحرام هي المدخل للصلاة، فبطل ذلك، أو نسخ، أو عدل .. لا ندري؟ وصار المدخل هو قولهم: نويت أصلي ... إلخ)، وفي كثير من المساجد، شاهدناهم في رمضان بعد صلاة العشاء، وبإيعاز من الإمام أو الشيخ، يقولون جماعة بصوت عال: نويت صيام نهار غد من شهر رمضان وهكذا بقية العبادات، بل وأقحموا هذا التلفظ على العادات، على أنها بذلك ستصير عبادات.
وأقحموا المصافحة عند انتهاء الصلاة، مع ترديد (تقبل الله) مع الجهر جماعة بالاستغفار وغيره، وأضافوا إلى الأذان في آخره ما لم يأذن به الله، وتكون هذه الإضافة في كثير من الأحيان أطول من الأذان، عدا عما فيها من كذب على الله ورسوله، كقولهم: إن محمداً أول خلق الله، كما أضافوا في أول الأذان ما يسمونه التذكير، وذلك في أوقات مخصوصة ما أنزل الله بها من سلطان، عدا ما يرددونه في هذا التذكير، من مثل قولهم: (نعم أنت مخلوق ولست بخالق، ولكن لك الرحمن قد وكل الأمرا)، وغيرها الكثير مما تصدى العلماء لنقضه في كتبهم ورسائلهم.
وسموا ذلك: (بدعة حسنة) تبريراً لإحداثهم في دين الله.
(د) أحدثوا طقوساً ابتدعوها، ما أنزل الله بها من سلطان، كمولد النبي، وموالد من يسمونهم (الأولياء)، ومجالس الصلاة على النبي بما فيها من مخالفة لأركان الذكر والدعاء في الإسلام، ومثل قراءة (صحيح البخاري) جماعة في المساجد إذا حزبهم أمر، وغير ذلك مما يعرفه المسلمون ومما لم يرد فيه أي نص عن الرسول صلى الله عليه وسلم، عدا عما فيها من شركيات ومخالفات وكبائر. وقد طغت هذه الطقوس، وتمسك بها الكثيرون على أنها من صميم الإسلام يتقربون بها إلى الله، حتى إن بعض من يسمَّون (علماء) يكفرون من ينتقد هذا أو يفسقونه.
وللعلم: المعروف عن مولد الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يوم الإثنين، أما (١٢ ربيع أول)، فهو اختراع، والتلفيق واضح فيه، و (١٢ ربيع أول) من عام الفيل كان يوم خميس.
(هـ) تهاونوا بالعبادات بحجة الوصول إلى مقام رفع عنهم فيه التكليف، أو بحجة أن الشيخ يدخلهم الجنة دون حساب، أو بحجة أن تارك العبادة منهم أفضل من العابد من غيرهم، أو بالحجة التي تقول: جذبة من جذبات الحق تساوي عمل الثقلين، أو بحجة أن قراءة الورد الفلاني أو الصلاة على النبي الفلانية أفضل من عبادة كذا وكذا، أو بحجة أن من زار قبر الشيخ فلان، أو رآه أو رأى من رآه أو مر بمدرسته أو اتبع طريقته يغفر له كل ذنوبه ما تقدم منها وما تأخر ... إلى آخر ما رأينا أمثلة منه في الفصول السابقة.
وبذلك كانت الصوفية وراء ابتعاد الناس عن الإسلام وإهمالهم لتعاليمه.
المصدر:الكشف عن حقيقة الصوفية لمحمود عبد الرؤوف القاسم - ص ٨٢١ - ٨٢٣