[المبحث الثاني اعتقادهم بأن هناك حقيقة تخالف الشريعة]
إن من أهم العوامل التي أدت إلى انحراف المتصوفة هو تفريقهم بين الحقيقة والشريعة وادعاؤهم بأن الحقيقة غير الشريعة.
ومصطلح الشريعة والحقيقة مصطلح خاص بهم وكل من قرأ في كتب المتصوفة يجد بأن المتصوفة يكررون هذا المصطلح بكثرة وهو في الحقيقة لا يبعد كثيرا عن مصطلح الظاهر والباطن الذي وضعه الباطنية كمصطلح خاص بهم إلا أن الصوفية قد شاركوا الباطنية في مصطلح الظاهر والباطن أيضا وكلا المصطلحين وضعهما الصوفية والباطينة ليهدموا بهما الشريعة الإسلامية ويقضوا عليها.
ويعني المتصوفة بهذين المصطلحين بأن هناك في الإسلام علمين علم يخص أهل الظاهر وهي الشرعية الإسلامية التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم بكل ما فيها من عقائد وعبادات وآداب وأخلاق وسلوك وهذا علم يرتفع عنه المتصوفة ويرون الوقوف عند هذا العلم انحطاطا وأن الإنسان الذي تعلم العلم الشرعي " الكتاب والسنة " يعتبر المنافقين نظر المتصوفة في درجة العوام الذين لا يعتد بفتواهم والعلم الثاني العلم الذي يطلق عليه المتصوفة علم الحقيقة وهو الذي يعبرون عنه بالعلم اللدني ويعتقد المتصوفة بأن هذا هو العلم النافع وهو الذي من عرفه يستحق أن يسمى عالما في زعمهم وأما الكيفية التي ينال بها هذا العلم اللدني حسب زعم المتصوفة فهي المجاهدة التي إذا استمر عليها الإنسان ينزل عليه علم الحقيقة من الله والذي يقولون عنه أنه سر من أسرار الله لا ينزله إلا على قلوب الخاصة ويعنون بهذا أنفسهم لأنهم يقولون لا ينزل هذا العلم إلا على أولياء الله وقد حصروا الولاية في أنفسهم.
ومن هنا بعد القوم عن الشريعة الإسلامية الغراء التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم من عند الله وفيها هدى ونور أصبحوا يبحثون عن الهداية والوصول إلى مرضاة الله عن طريق علمهم المزعوم والذي وصفوه بأنه بحتا بعيدا كل البعد عن المعاني التي تدل عليها النصوص القرآنية والحديثية على حسب الأساليب المعروفة في اللغة العربية وكل من اعترض على تفسيرهم الباطل سدوا عليه الباب بأن هذا علم الحقيقة أو علم الباطن وأن هذا العلم لا يدركه إلا أهل الحقيقة ويعنون أنفسهم ولذا لا ينبغي لأهل الرسوم أن يعترضوا عليهم لأنهم يجهلون هذا العلم ولقد صرح المتصوفة بأن هناك علما يسمى علم الحقيقة يختلف تماما عن علم الشريعة الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وإليك النصوص من كتبهم أنفسهم.