[المطلب الثاني: أسباب انتشار البهائية]
الواقع أنه ليس في تعاليم البهائية وديانتها ما يغري باعتناقها، فهي أفكار ملفقة من شتى المذاهب والديانات، مملوءة بالخرافات التي يأباها العقل السليم والفطرة المستقيمة، كما أنها مملوءة كذلك بالمتناقضات شأن كل باطل.
ومع ذلك فقد انتشرت انتشاراً رهيباً في الكثير من البلدان، إلا أن بعض أهل تلك البلدان قد استفاقوا حين أمعنوا النظر في تعاليم البهائية وما تهدف إليه من الشر بالعالم كله- وفي أولهم العالم الإسلامي- هالهم ما رأوه من تلك التعاليم الجهنمية- وهالهم كذلك ما رأوه من الحقد الشديد للإسلام ونبيه العظيم فشنوا الغارات الملتهبة على البهائيين وعلى تعاليمهم وعلى محافلهم المنتشرة وحاكموهم محاكمات ظهرت في كثير من تلك المحاكمات حقيقة البهائية الملحدة الإباحية، فأفتى القضاة والعلماء والمثقفون وكل من في قلبه أدنى ذرة من إيمان بخطر البهائية ووجوب محاربتها، والتقرب إلى الله بسحق كل بهائي؛ احتساباً للأجر والثواب، ولا تزال الحرب سجالاً بين أهل الخير وأهل الشر.
إلا أن البهائيين –وهم لا دين لهم- يحاربون غيرهم بمختلف فنون الحرب الظاهرة والخفية، ومن مؤامرات ودعايات وإغراءات ونفاق ودعارة؛ لأن كل هذا جائز في شريعة البهائية.
إضافة إلى ما تيسر لهم من أسباب أخرى كثيرة ساعدت في انتشار هذه النِّحْلة، يمكن الإشارة إلى أهمها فيما يلي:
- جهل كثير من المسلمين بحقيقة المذهب البهائي، خصوصاً وأن الدعوة البهائية أكثر ما توجه إلى العوام والسطحيين من الناس.
- تظاهر هؤلاء –تقية ونفاقاً- بالإسلام وبالإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم.
- التفاف أعداء الدين الإسلامي نحو البهاء وتعاليمه والذود عنه ونشر أباطيله وزخرف الدعايات له، والمساعدات السخية له ولأتباعه بكل شكل من أشكال المساعدات مادية ومعنوية.
- انشغال كثير من المسلمين عند قيام البهائية بمشكلات داخلية وخارجية بعضها مشكلات حقيقية، وأكثرها إنما هي مفتعلة من أعدائهم لإلهائهم عن ما يراد بهم ليتم المخطط بهدوء. - كثرة تحريفات النصوص-على وفق ما يريدون- سواء كانت تلك النصوص من القرآن الكريم أو من السنة؛ حيث أولوها على الطريقة الباطنية الماكرة؛ بحيث إذا وقف عليها من ليس عنده اطلاع كاف على أباطيل الباطنية والبهائية لابد وأن يقع في شبكاتهم (١)، ويصدق ولو بعض تلك الترهات.
- تفنن هؤلاء في التلون، واستعمال التقية، واستحلال الكذب والنفاق، بحيث كانوا يتوددون إلى كل شخص بما يستطيعون به الوصول إلى قلبه لاستدراجه بعد ذلك إلى حيث يشاءون، دون أن يجدوا في تلك المسالك الملتوية أي حرج.
- مهارة هؤلاء في تنظيم الدعوة إلى مذهبهم وتنظيم المحافل التي هي نقاط الانتشار في كل بلد توجد به هذه المحافل، وتوددهم إلى الحكام والمفكرين، وخداعهم لهم بما يظهرونه لهم من الخير وإرادة الإصلاح، والتزلف إلى رضاهم بكل وسيلة.
- كما يعود انتشار مذهب البهائية إلى أن أكثر الناس يحبون الانفلات عن الالتزامات الشرعية والميل إلى الشهوات ونبذ القيود، وقد عرف زعماء البهائية هذا الجانب واستغلوه أقوى استغلال، ومن هنا دخل كثير من الناس في المذهب البهائي ليس اقتناعاً تاماً به، وإنما ليضفي على ميوله وشهواته صفة شرعية ولو على طريقة الشرع البهائي.
- كما يعود أيضاً إلى أن أكثر الدعوات الباطنية إنما تنتشر بين الأوساط الفقيرة؛ حيث يقوم أصحاب تلك الدعوات بمساعدة الفقراء من بناء مدارس ومستشفيات ودور اجتماعية وقروض وإيصال بعضهم إلى الوظائف الحكومية، وتسهيل معاملاتهم وغير ذلك من المساعدات التي يكون لها أثر إيجابي في نفس المدعو ولابد إلى غير ذلك من الأسباب الكثيرة الخفية التي يجيد هؤلاء عرضها بأساليبهم وطرقهم الملتوية.
المصدر:فرق معاصرة لغالب عواجي ٢/ ٧٢٤ - ٧٢٦
(١) وأقرب الأمثلة على هذا تلاعبهم بمعنى الآية الكريمة؛ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ؛ حيث صارواهم والقاديانيون في طريق واحد حول تأويل هذه الآية بأن الخاتم بمعنى ((أفضل))، أو أنه كالمهر، أو أنه خاتم الأنبياء أصحاب الشرائع المستقلة، غير ذلك من أكاذيبهم على الله وعلى رسوله، وعلى اللغة أيضاً؛ لأن اللغة لا تساعدهم أبداً على تلك المعاني الباطلة التي اخترعوها.