للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الرابع: معتقدهم في القيامة والمعاد وقد اتفقوا عن آخرهم على إنكار القيامة وأن هذا النظام المشاهد في الدنيا من تعاقب الليل والنهار وحصول الإنسان من نطفة والنطفة من إنسان وتولد النبات وتولد الحيوانات لا يتصرم أبد الدهر وأن السموات والأرض لا يتصور انعدام أجسامهما وأولوا القيامة وقالوا إنها رمز إلى خروج الإمام وقيام قائم الزمان وهو السابع الناسخ للشرع المغير للأمر وربما قال بعضهم إن للفلك أدوارا كلية تتبدل أحوال العالم تبدلا كليا بطوفان عام أو سبب من الأسباب فمعنى القيامة انقضاء دورنا الذي نحن فيه وأما المعاد فأنكروا ما ورد به الأنبياء ولم يثبتوا الحشر والنشر للأجساد ولا الجنة والنار ولكن قالوا معنى المعاد عود كل شيء إلى أصله والإنسان متركب من العالم الروحاني الجسماني إما الجسماني منه وهو جسده فمتركب من الأخلاط الأربعة الصفراء والسوداء والبلغم والدم فينحل الجسد ويعود كل خلط إلى الطبيعة العالية, أما الصفراء فتصير نارا وتصير السوداء ترابا ويصير الدم هواء ويصير البلغم ماء وذلك هو معاد الجسد وأما الروحاني وهو النفس المدركة العاقلة من الإنسان فإنها إن صفيت بالمواظبة على العبادات وزكيت بمجانبة الهوى والشهوات وغذيت بغذاء العلوم والمعارف المتلقاة من الأئمة الهداة اتحدت عند مفارقة الجسم بالعالم الروحاني الذي منه انفصالها وتسعد بالعود إلى وطنها الأصلي ولذلك سمي رجوعا فقيل ارجعي إلى ربك راضية مرضية وهي الجنة وإليه وقع الرمز بقصة آدم وكونه في الجنة ثم انفصاله عنها ونزوله إلى العالم السفلاني ثم عوده إليها بالآخرة وزعموا أن كمال النفس بموتها إذ به خلاصها من ضيق الجسد والعالم الجسماني كما أن النطفة في الخلاص من ظلمات الرحم والخروج إلى فضاء العالم والإنسان كالنطفة والعالم كالرحم والمعرفة كالغذاء فإذا نفذت فيه صارت بالحقيقة كاملة وتخلصت فإذا استعدت لفيض العلوم الروحانية باكتساب العلوم من الأئمة وسلوك طرقها المفيدة بإرشادهم استكملت عند مفارقة الجسد وظهر لها ما لم يظهر ولذلك قال عليه السلام ((الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا)) (١)


(١) قال الغزي في ((الجد الحثيث)) (ص٢٤٦) رواه ابن عساكر عن علي موقوفا، وقال السخاوي في ((المقاصد الحينة)) (١٢٤٠) هو من كلام علي، وقال الألباني في ((الضعيفة)) (١٠٢) لا أصل له أورده الغزالي مرفوعا إليه صلى الله عليه وسلم! فقال الحافظ العراقي وتبعه السبكي: لم أجده مرفوعا، وإنما يعزي إلى علي بن أبي طالب، ونحوه في " الكشف " ..

<<  <  ج: ص:  >  >>