[المطلب الثاني: شروط الخلوة الصوفية]
ذكر الفوتي ستة وعشرين شرطاً لصحتها نذكرها باختصار، وللقارئ أن يلاحظ أثناء عرضها مدى تغلغل الأفكار المخالفة للإسلام فيها، من بوذية وهندوسية ونصرانية وغير ذلك:
١ - أن يعود نفسه قبل دخولها إذا أراد الشروع، السهر والذكر وخفة الأكل والعزلة.
٢ - أن يكون دخول الخلوة بحضور الشيخ ومباركته له وللمكان أيضاً.
٣ - أن يعتقد في نفسه أن دخوله الخلوة إنما هو بقصد أن يستريح الناس من شره.
٤ - أن يدخلها كما يدخل المسجد مبسملاً متعوذاً بالله تعالى من شر نفسه، مستعيناً مستمداً من أرواح مشايخه بواسطة شيخه المباشر.
٥ - أن يدخل الشيخ الخلوة ويركع فيها ركعتين قبل دخول المريد ويتوجه إلى الله تعالى في توفيق المريد.
٦ - أن يعتقد عند دخوله الخلوة أن الله تعالى ليس كمثله شيء، فكل ما يتجلى له في خلوته من الصور، ويقول له: أنا الله، فيقل: سبحان الله! آمنت بالله.
٧ - ألا يتلهف كثيراً على كثرة ظهور الكرامات.٨ - أن يكون غير مستند إلى جدار الخلوة ولا متكئاً على شيء، مطرقاً رأسه تعظيما لله تعالى، مغمضاً عينيه، ملاحظاً قوله تعالى: ((أنا جليس من ذكرني)) (١)، ثم يجعل خيال شيخه بين عينيه، فإنه معه وإن لم يره المريد.
٩ - أن يشغل قلبه بمعنى الذكر على قدر مقامه، مراعياً معنى الإحسان وهو أن تعبد الله كأنك تراه.
١٠ - أن يداوم الصوم؛ لأنه يؤثر في تقليل الأجزاء الترابية والمائية فيصفو القلب.
١١ - أن تكون الخلوة مظلمة لا يدخل فيها شعاع الشمس وضوء النهار، فيسد على نفسه طرق الحواس الظاهرة، وسد طرق الحواس الظاهرة شرط لفتح حواس القلب.
١٢ - دوام الضوء لتلألأ الأنوار فيها بعد ذلك.
١٣ - دوام السكوت إلا عن ذكر الله تعالى إلا عند الضرورة القصوى فيتكلم بحذر شديد أن يزيد.
١٤ - أن تكون الخلوة بعيدة عن حس الكلام وتشويش الناس عليه.
١٥ - كونه إذا خرج للوضوء والصلاة يخرج مطرقاً رأسه إلى الأرض غير ناظر إلى أحد، ويحذر كل الحذر نظر الناس إليه، مغطياً رأسه ورقبته بشيء؛ لأنه ربما يحصل له عرق الذكر فيلحقه الهواء فيضره.
١٦ - أن يحافظ على صلاة الجمعة والجماعة – وإن وجد نفقة فليتخذ له شخصاً يصلى معه في خلوته؛ أي بالإيجار.
وإذا خرج لصلاة الجماعة فليتأخر حتى يكبر الإمام تكبيرة الإحرام فإذا انتهي من الصلاة رجع فوراً إلى خلوته، قال السهروري:"وقد رأينا من يتشوش عقله في خلوته ولعل ذلك لشؤم إصراره على ترك صلاة الجماعة.
١٧ - المحافظة على الأمر الوسط في الطعام لا فوق الشبع ولا الجوع المفرط.
١٨ - ألا ينام إلا إذا غلبه النوم بأن تشوش عليه الذكر.
١٩ - نفي الخواطر عن نفسه خيره كانت أم شريرة.
٢٠ - دوام ربط القلب بالشيخ بالاعتقاد والاستمداد على وصف التسليم والمحبة، والاعتقاد التام بأنه لا يصل إليه أي خير إلا من قبل شيخه المباشر، ومتى غاب فكره عن الشيخ فقد خسر الصفقة.
٢١ - ترك الاعتراض عن الشيخ؛ لأنه أعلم بمصالحه وأكبر عقلاً وأعظم؛ لأنه بالغ مبلغ الرجال بخلاف المريد.
٢٢ - أنهم في أثناء خلوتهم لا يفتحون أبواب خلوتهم لمجيء الناس وزيارتهم والتبرك بهم، وإياك وتلبيسات النفوس وخداع الشيطان بالإلقاء فيك أن هذا الشخص يهتدي بك وبكلامك وينتفع بملاقاتك في الدين، فإنها من شبكات مكر اللعين.
٢٣ - أنه إذا شاهدوا أشياء تقع لهم في اليقظة أو بين النوم واليقظة فلا يستقبحون ذلك ولا يستحسنونه، بل يعرضون ذلك على الشيخ وهو يتصرف بعد ذلك.
٢٤ - دوام الذكر والأذكار حسب ترتيب الشيخ لها.
(١) أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ١٠٨) من قول كعب الأحبار. قال السمهودي في ((الغماز على اللماز)) (٤٢): طرقه ضعيفة.