للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثالث: سماع الموتى]

ويتعلق بالمسألتين السابقتين أي مسألة الاستغاثة والاستعانة عن غير الله، ومسألة قدرة الأنبياء والأولياء واختياراتهم مسألة سماع الموتى، لأن الجهال الذين ينادون الأنبياء والرسل والأولياء والصالحين بعد موتهم ويدعونهم من دون الله عز وجل، لا يدعونهم ولا ينادونهم إلا للاعتقاد بأن الموتى يسمعون ويستجيبون لندائهم ودعائهم مع تملكهم القدرة والاختيار.

ولأجل ذلك قالوا: إن الأولياء والصالحين يسمعون ويبصرون في قبورهم أكثر مما كانوا يسمعون ويبصرون في حياتهم" (١).

لأنهم في معتقدهم قبل موتهم كانوا عاجزين، وبالأسباب الكونية مقيدين، فإذا ماتوا انطلقوا وتفلتوا من تلك الأسباب، وعلى ذلك يقول أحد البريلويين: إن النفوس القدسية إذا تجردت عن العلائق البدنية اتصلت بالملأ الأعلى وترى وتسمع الكل كالمشاهد" (٢).

وقال الآخر: إن الموتى يسمعون، وإن المقربين بعد موتهم ليغيثون" (٣).

والثالث قال: إن الشيخ الجيلاني يرى في كل حين، ويسمع نداء الجميع" (٤).وأما البريلوي فقد كتب: إن الأموات ليسمعون، إذ لا يخاطب" إلا من يسمع" (٥).

ولقد كتب رسالة مستقلة باسم "الوفاق المبين بين سماع الدفين وجواب اليمين" التي طبعت في ضمن الرسائل التي شكلت وكونت منها "الفتاوى الرضوية".

وقد حكي عدة حكايات كاذبة أثبت بها أن الموتى يسمعون، بل أكثر من ذلك أنهم يتكلمون أيضا. ومنها هذه الحكاية التي ذكرت في "ملفوظات" و "الحكايات الرضوية":أن السيد إسماعيل الحضرمي مر على المقابر ومعه أصحابه فوقف على أربعين قبرا وقفة طويلة وبدأ يبكي حتى انتصف النهار فضحك، فسئل عن أسباب بكاءه وضحكه فقال مررت على هذه القبور لأن أصحابها الأربعين كانوا يعذبون فبدأت أشفع لهم عند الرب وأبكى على عذابهم حتى رفع عنهم العذاب ولما انتهيت سمعت امرأة تناديني من آخر المقابر وتقول: يا سيدي! أنا مغنية فلانة فشفعت لهم وحرمتني عنها فضحكت من قولها وقلت لها: أنت منهم، ورفع عنها العذاب" (٦).

هذا ويقول آخر من أتباعه: يجوز النداء بعلي وغوث لأن هؤلاء المحبوبين لدى الله يسمعون بعد موتهم" (٧).

هذا ولقد قال البريلوي أكثر من ذلك. وهو:

إن الأولياء والأنبياء لا يموتون ويدفنون أحياء وحياتهم في القبر حياتهم في الدنيا بل أكثر منها وأفضل، فيقول البريلوي في الأنبياء: إن حياة الأنبياء حياة حقيقية حسية دنيوية يطرأ عليهم الموت لثانية من الثواني ليصدق وعد الله، وإلا بعد الثانية من الوقت يرجع لهم الحياة ويصيرون كما كانوا ويحكم على هذه الحياة بالأحكام الدنيوية ولأجل ذلك لا يقسم ميراثهم ولا يزوج من أزواجهم ولا عليهم من عدة فإنهم يأكلون في قبورهم ويشربون ويصلون" (٨).

وقال الآخر: إن الأنبياء لا يتركون في قبورهم بعد أربعين ليلة ولكنهم يصلون بين يدى الله" (٩).

ويقول الآخر: إن الأنبياء أحياء في قبورهم وهم يمشون فيها ويتماشون، يصلون فيها ويتكلمون، وفي أمور الخلق يتصرفون" (١٠).


(١) ((بهار شريعت)) لأمجد علي (٥٦).
(٢) ((بهار شريعت)) لأمجد علي (١٨،١٩).
(٣) ((علم القرآن)) لأحمد يار (١٨٩).
(٤) ((إزالة الضلالة)) لمفتي عبدالقادر (٦)، وقد وثق هذا الكتاب من قبل البريلوي ط لاهور.
(٥) ((الفتاوى الرضوية)) (٤/ ٣٢٧).
(٦) ((الحكايات الرضوية)) أي المجوعة التي اشتملت على الحكايات التي حكاها البريلوي عن طاقة الأولياء والصالحين واختياراتهم (٥٧).
(٧) ((الفتاوى النورية)) لنور لله القادري (٥٢٧).
(٨) ((ملفوظات للبريلوي)) (٣/ ٢٧٦).
(٩) ((رسول الكلام)) لديدار علي (١).
(١٠) ((حياة النبي)) للكاظمي (٣) ط ملتان باكستان.

<<  <  ج: ص:  >  >>