للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الرابع: يعلمون الغيب وما في الصدور وقد صرح النقشبنديون بأن مشايخهم يعلمون ما يختلج في صدور الناس، فقال الدهلوي: «وللنقشبندية تصرفات عجيبة من التصرف في قلوب الناس والإشراف على خواطر الناس وما يختلج في الصدور» (١).لما حصل للشاه نقشبند التكليف والولاية للطريقة اجتمع مع سلفه من أصحاب الطريقة (أمواتا) فأعطوه علامات قبول ولايته وقالوا له: «تذهب غدا عند مولانا شمس الدين الأبنيكوني وتخبره بأن ما يدعيه فلان التركي صحيح، والحق مع التركي فإن أنكر السقا صحة هذه الدعوى فقل له: عندي شاهدان: الأول أنك يا سقا عطشان، فهو يعرف معنى هذه الكلمة. والثاني أنك أتيت امرأة أجنبية فحملت منك فسعيت بإسقاط الحمل ودفنته في الموضع الفلاني ... ثم اذهب إلى نسف (٢) لخدمة السيد أمير كلال وستجد في المحل الفلاني شيخا يعطيك رغيفا حارا فخذه منه ولا تكلمه ... وامض على طريقك فتمر على قافلة إذا تجاوزتها استقبلك فارس فانصحه فإنه ستكون توبته على يديك» (٣).ويحكون عن الشيخ عبيد الله أحرار أنه «ما من خاطر إلا وقد اطلع عليه» (٤).وزعم الكوثري أن أبا الحسن الشاذلي قال: «أطلعني الله على اللوح المحفوط فلولا التأدب مع جدي رسول الله لقلت: هذا سعيد وشقي» (٥).ونقلوا عن إبراهيم الدسوقي قوله لمريديه: «يا أولادي إن صح عهدكم معي فأنا قريب منكم ... فلو كان أحدكم بالمشرق وأنا بالمغرب وورد عليكم من المشكلات شيء تستخيرون به ربكم فوجهوا وجوهكم إلي، وافتحوا عين قلبكم فإنكم تروني جهارا وتستشيروني في جميع أموركم فمهما قلته لكم فاقبلوه وامتثلوه ... هكذا جرت سنة الله مع أوليائه» (٦).ومن كرامات الشيخ أحمد ضياء الدين أن أحد مريديه حدثته نفسه أن يسأل حضرة الشيخ ظهور كرامة فكاشفه الشيخ في الحال بما في نفسه وقال له: الاستقامة خير من ألف كرامة» (٧).وخطر ببال أحد الواقفين أمام الشيخ محمد سيف الدين الفاروقي أن هذا الشيخ متكبر فعرف ما في قلبه وقال له: (تكبري من تكبر الحق تعالى) والقصة نفسها منسوبة إلى بهاء الدين نقشبند (٨).وأما محمد الخاني النقشبندي فكان يخبر بالأمر قبل أن يقع فيقع كما أخبر وكان في الاطلاع على خواطر المريدين مرآة صقيلة يلوح فيها أدنى الخطرات كأعلاها. وكان لا يسأل مريده عن أحواله أبدا بل هو الذي يخبر المريد بأطواره (٩).


(١) ((شفاء العليل ترجمة القول الجميل)) (١٠٤) ط: إسلامي أكاديمي (لاهور - الهند)
(٢) مدينة مشهورة ببلاد فارس منها النسفي صاحب التفسير.
(٣) ((المواهب السرمدية)) (١١٣ - ١١٥) ((الأنوار القدسية)) (١٢٨ - ١٢٩) ((جامع كرامات الأولياء)) (١/ ١٤٥ - ١٤٦).
(٤) ((المواهب السرمدية)) (١٧٣) ((الأنوار القدسية)) (١٧٥) ((جامع كرامات الأولياء)) (٢/ ١٤٠).
(٥) ((إرغام المريد شرح النظم العتيد لتوسل المريد برجال الطريقة النقشبندية)) للكوثري (ص ٣٩).
(٦) ((نور الهداية والعرفان في سر الرابطة والتوجه وختم الخواجكان)) (٣٨).
(٧) ((الأنوار القدسية)) (٢٧٢).
(٨) ((المواهب السرمدية)) (٢١٥) ((الأنوار القدسية)) (٢٠٠) ((جامع الكرامات)) (١/ ٢٠٤) ((الحدائق الوردية في حقائق أجلاء الطريقة النقشبندية)) قارن بين (١٣٥ و٢٠٠).
(٩) ((الحدائق الوردية في حقائق أجلاء الطريقة النقشبندية)) (٢٧٢) ((جامع كرامات الأولياء)) (١/ ٢٢٢ - ٢٢٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>