للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شك أن هذا قلب للحقائق، فإن الله عز وجل طلب من الناس جميعاً نشر العلم وبيانه. وقد قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ [المائدة: ٦٧]، وقال الله: فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ [الحجر:٩٤].وقد امتثل الرسول صلى الله عليه وسلم أمر ربه فلم يكتم من العلم شيئاً، بل وطلب إلى أمته أن ينشروا العلم بكل وسيلة، فقال صلى الله عليه وسلم: ((بلغوا عني ولو آية)) (١)، وقال: ((نضر الله امرءاً سمع منا شيئاً فبلغه كما سمع، فرب مبلغ أوعى من سامع)) (٢).

وقد أثنى الله في كتابه الكريم على الصادقين الشجعان الذين لا يخافون في الله لومة لائم، فقال عز وجل: الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ [الأحزاب:٣٩] وقال تعالى: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا [الأحزاب:٢٣ - ٢٤].

كما ذم الله تعالى المنافقين المخادعين للناس فقال تعالى: إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [المنافقون:١].

وقال تعالى: وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ [البقرة:١٤].وليس من هدي الإسلام استحلال الكذب على طريقة الشيعة، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً. وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)) (٣).- جعل الشيعة ترك التقية مثل ترك الصلاة تماماً. قال القمي: (التقية واجبة، من تركها كان بمنزلة من ترك الصلاة) (٤). وهذا من أغرب الأقوال، فإن التقية رخصة جعلها الله في حالة الضرورة القصوى، بشرط أن لا يشرح بالكفر صدراً, فكيف يعاقب من تركها، بل قال البغوي: (والتقية لا تكون إلا مع خوف القتل وسلامة النية، قال تعالى: إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ [النحل:١٠٦]، ثم هذا رخصة! فلو صبر حتى قتل فله أجر عظيم (٥)


(١) رواه البخاري (٣٤٦١) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه.
(٢)) رواه أبوداود (٣٦٦٠) , والترمذي (٢٦٥٦) , وابن ماجه (٢٣٠) من حديث زيد ابن ثابت رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود. وقال الترمذي حسن. وقال ابن عبد البر في ((التمهيد)) (٢١/ ٢٧٦): ثابت. وصححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (٥/ ٣٢٧). والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) و ((صحيح سنن الترمذي)) و ((صحيح سنن ابن ماجه)) والحديث له طرق كثيرة استوعبها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه ((دراسة حديث نضر الله امرءاً سمع مقالتي)).
(٣) رواه مسلم (٢٦٠٧) , من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(٤) نقلاً عن ((الشيعة والسنة)) (ص١٥٧)، عن ((الاعتقادات))، فصل التقية للقمي.
(٥) ((تفسير البغوي)) (١/ ٢٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>