للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يقول: نزّلوا أحاديث أهل العراق منزلة أحاديث أهل الكتاب لا تصدّقوهم ولا تكذّبوهم (١).

ولما اشتهرت الكوفة اختصت بالكذب فقد شبّهها " مالك" رحمه الله بدار الضرب، فقد قال له عبد الرحمن ابن مهدي: يا أبا عبد الله سمعنا في بلدكم أربعمائة حديث في أربعين يوماً، ونحن في يوم واحد نسمع هذا كله. فقال له عبد الرحمن: ومن أين لنا دار الضرب، أنتم عندكم دار الضرب تضربون بالليل وتنفقون بالنهار (٢).

وعن الشافعي قوله: لم أر أحد أشهد بالزور من الرافضة (٣)، وعن الأعمش أنه قال: أدركت الناس وما يسمّونهم إلا الكذابين يعني أصحاب المغيرة بن سعيد, (٤) وهم من الرافضة.

كما نقل ابن تيمية عن يزيد بن هارون قوله: نكتب عن كل صاحب بدعة إذا لم يكن داعية إلا الرافضة فإنهم يكذبون (٥).

وعن شريك– مع أن فيه تشيعاً – قوله–: احمل العلم عن كل من لقيت إلا الرافضة فإنهم يضعون الحديث ويتخذونه ديناً.

ويعلق ابن تيمية على كلام شريك هذا بقوله: وشريك هذا هو ابن عبد الله القاضي قاضي الكوفة من أقران الثوري وأبي حنيفة، وهو من الشيعة الذي يقول بلسانه أنا من الشيعة، وهذه شهادته فيهم (٦).

وفوق ذلك ينقل الذهبي عن ابن المبارك قوله: الدين لأهل الحديث, والكلام والحيل لأهل الرأي، والكذب للرافضة (٧).

وقد ثبت عن الشعبي أنه قال: ما رأيت أحمق من الخشبية (٨) لو كانوا من الطير لكانوا رخماً، ولو كانوا من البهائم لكانوا حمراً، والله لو طلبت منهم أن يملؤا هذا البيت ذهباً على أن أكذب على علي أعطوني، ووالله ما أكذب عليه أبداً (٩).

وهو القائل: أحذركم أهل هذه الأهواء المضلّة وشرّها (١٠).

ولم تكن الشيعة تتورع عن الكذب البتة، وفي هذا يقول حماد بن سلمة: حدثني شيخ لهم قال: كنا إذا اجتمعنا استحسنا شيئا جعلنا حديثاً (١١).

ولفرط كذبهم وتزويرهم امتنع بعض الأئمة الأعلام عن الحديث في فضائل علي، حتى قال سفيان الثوري: منعتنا الشيعة أن نذكر فضائل علي (١٢).

وكان يقول: إذا كنت بالشام فاذكر مناقب علي وإذا كنت بالكوفة فاذكر مناقب أبي بكر وعمر (١٣).

وقال الشعبي – قد ذكرت الرافضة يوماً عنده –: " لقد بغضوا إلينا حديث علي بن أبي طالب (١٤).

وقد أكد ابن أبي الحديد – مع تشيعه – تأصل الكذب في الرافضة فقال: " إن أصل الأكاذيب في أحاديث الفضائل كان من جهة الشيعة، فإنهم وضعوا في مبدأ الأمر أحاديث مختلقة في صاحبهم، وحملهم على وضعها عداوة خصومهم (١٥).

أكتفي بإيراد هذه النصوص ولعل فيها كفاية لبيان المقصود، وإلا فهناك غيرها لمن تأمل.

المصدر:نزعة التشيع وأثرها في الكتابة التاريخية لسليمان بن حمد العودة


(١) [٩٧١٤] ((منهاج السنة)) (١/ ٣٠٩).
(٢) [٩٧١٥] ((منهاج السنة)) (١/ ٣٠٩) لهذا قال أحد الباحثين إن الكذب في الكوفة نشأ مع التشيع جنباً إلى جنب " يحيى اليحيى: مرويات أبي مخنف في ((تاريخ الطبري)) (ص ٤٠).
(٣) [٩٧١٦] ((منهاج السنة)) (١/ ١٦).
(٤) [٩٧١٧] ((منهاج السنة)) (١/ ١٦).
(٥) [٩٧١٨] ((منهاج السنة)) (١/ ١٦).
(٦) [٩٧١٩] ((منهاج السنة)) (١/ ١٦).
(٧) [٩٧٢٠] ((المنتقى من منهاج الاعتدال)) (ص ٤٨٠) ط: السلفية.
(٨) [٩٧٢١] المقصود بهم الشيعة، فقد نقل ابن تيمية النص في موطن آخر بلفظ " الشيعة " ((المنهاج)) (١/ ٨)، كما نقل ابن تيمية أن مصطلح الرافضة إنما ظهر لما رفضوا زيد بن علي بن الحسين في خلافة هشام ((المنهاج)) (١/ ٩).
(٩) [٩٧٢٢] ((منهاج السنة)) (١/ ٧ - ٨).
(١٠) [٩٧٢٣] ((منهاج السنة)) (١/ ٧).
(١١) [٩٧٢٤] ((الموضوعات)) لابن الجوزي (١/ ٣٩).
(١٢) [٩٧٢٥] أبو نعيم: ((حلية الأولياء)) (٧/ ٢٧).
(١٣) [٩٧٢٦] أبو نعيم: ((حلية الأولياء)) (٧/ ٠٢٧).
(١٤) [٩٧٢٧] ابن عبد ربه: ((العقد الفريد)) (٢/ ٢٢٣). وصفه ابن كثير بالشيعي الغالي ((البداية والنهاية)) (١٣/ ١٩٠).
(١٥) [٩٧٢٨] ((شرح نهج البلاغة)) (١١/ ٤٨ - ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>