للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا شك أن هذا التفسير وأمثاله من أخطر التفاسير للقرآن الكريم بل هو تلاعب بالآيات وصرف لها عن حقائقها الثابتة على معان لا تثبت إلا بقدر ما تثبت مكتشفات علمية تهتز يمنة ويسرة بين الثبات والسقوط – هذا في الآيات التي قد يفهم منها ما أورده في تفسيرها فما بالك بما يورده من تفسير لا تحتمله الآي من بعيد ولا من قريب. نحن ندرك أن هدفه من سلوك هذا المنهج هو نفس هدف رجال المدرسة العقلية في سلوكه حيث يقول الأستاذ الأكبر محمد المراغي عن أحدهم في تفسيره العلمي "وحمدت له هذه النزعة العلمية التي لو تحلى بها كل مبرز في فرع من فروع العلم لاجتمع لدينا ذخر عظيم من هذه التطبيقات الثمينة تستفيد منه النابتة الحديثة زيادة معرفة بإعجاز القرآن وإيقان بأن الله ما فرط في كتابه من شيء" (١).

نحن ندرك أن هذا من أهدافه ولكن هذا لا يخلوله حق تأويل الآيات على هذا النحو وإلى هذا الحد الذي تجاوز فيه حد الأمان والسلامة. ولكن الذي تأثر بمنهج المدرسة العقلية الحديثة أكثر من هذا هو صاحب تفسير (الهداية والعرفان في تفسير القرآن بالقرآن) وهو الشيخ أبو زيد الدمنهوري وقد أحدث هذا الكتاب ضجة كبرى في المحيط العلمي وثورة ساخطة من شيوخ الأزهر على مؤلفه وانتهى الأمر بمصادرة الكتاب والحكم على صاحبه بالزيغ والضلال (٢).

ولعله من المناسب هنا أن نشير إلى أهم ما ذهب إليه في تفسيره وأنت تدرك بعد هذا أثر المدرسة العقلية عليه:-

إنكاره لمعجزات الأنبياء عليهم السلام: حيث يقول "وأن آيتهم على صدق دعوتهم لا تخرج عن حسن سيرتهم وصلاح رسالتهم، وإنهم لا يأتون بغير المعقول ولا بما يبدل سنته ونظامه في كونه" (٣).

معجزات عيسى عليه السلام: يقول كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ يفيدك التمثيل لإخراج الناس من ثقل الجهل وظلماته إلى خفة العلم ونوره" (٤).

معجزات موسى عليه السلام: في تفسير قوله تعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا [الأعراف: ١٦٠] يقول "ويصح أن يكون الحجر اسم مكان واضرب بعصاك الحجر معناه: إطرقه، واذهب إليه، والغرض أن الله هداه إلى محل الماء وعيونه" (٥).وفي تفسير قوله تعالى فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ [الأعراف: ١٠٧ - ١٠٨] يقول "مثال من قوة حجته وظهور برهانه" (٦).

معجزة إبراهيم عليه السلام: في قوله قوله تعالى: قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الأنبياء: ٦٩] يقول "معناه نجاه من الوقوع فيها" (٧).

الإسراء: ويفسر الإسراء بالرسول صلى الله عليه وسلم أن المراد به هجرته من مكة وهي المسجد الحرام إلى المدينة وهي "المسجد الأقصى" (٨).


(١) ((الإسلام والطب الحديث)) عبدالعزيز إسماعيل تقديم محمد مصطفى المراغي (ص ٥ - ٦).
(٢) ((الاتجاهات المنحرفة في تفسير القرآن الكريم)) محمد حسين الذهبي (ص ٩٤).
(٣) ((التفسير والمفسرون)) الذهبي (٣/ ٢٠١) عن ((الهداية والعرفان)) (ص ٣٠٦).
(٤) ((التفسير والمفسرون)) (٣/ ٢٠١) عن ((الهداية والعرفان)) (ص ٤٥).
(٥) ((التفسير والمفسرون)) (٣/ ٢٠٣) عن ((الهداية والعرفان)) (ص١٣١).
(٦) ((التفسير والمفسرون)) (٣/ ٢٠٣) ((الهداية والعرفان)) (ص ١٢٦).
(٧) ((التفسير والمفسرون)) (٣/ ٢٠٤) عن ((الهداية والعرفان)) (ص ٢٥٦).
(٨) ((التفسير والمفسرون)) (٣/ ٢٠٦) عن ((الهداية والعرفان)) (ص ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>