للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها موقف الأستاذ الإمام من الكتاب بعد صدوره فلقد أيده ودافع عنه بطريقة غير مباشرة وامتنع عن التعليق عليه أو المشاركة بشكل مباشر في المعارك التي دارت من حوله وبالذات عندما أراد خصومه إحراجه وطلبوا منه أن يفتي – منصبه الرسمي – في الموضوع. أما دفاعه غير المباشر فيتمثل في وقوع الشيخ رشيد رضا ومجلة (المنار) إلى جانب الكتاب فلقد تناولت (المنار) الكتاب بالمدح والتقريظ في أكثر من مرة واعتبرته مع (رسالة التوحيد) للأستاذ الإمام و (سر تقدم الإنجليز السكسونيين) الذي ترجمه فتحي زغلول أهم الأعمال الفكرية في ذلك العصر "المناصر ١ يوليو ١٨٩٩م" كما تناولته بالثناء في عددي ١٥ يوليو ٢٦ أغسطس من العام نفسه" (١).ووصف السيد رشيد رضا قاسم أمين بأنه العالم البارع في علوم الأخلاق والاجتماع (٢).

وحينما أراد خصوم الشيخ إحراجه طبعوا سؤالاً موجهاً إليه هو: "هل رفع الحجاب عن المرأة وإطلاقها في سبيل حريتها بالطريقة التي يريدها صاحب كتاب (المرأة الجديدة) يسمح به الشرع الشريف أم لا؟ "ووزعوا هذا السؤال على الجمهور في صورة كتاب مفتوح إلى المفتي محمد عبده. عندما فعلوا هذا لزم الشيخ محمد عبده الصمت ودافعت (المنار) عن هذا الصمت قائله:

١ - إن الاستفتاء جاء على خلاف المعهود بأن وزع على الجمهور.

٢ - أن الجواب عليه يستلزم قراءة الكتاب في حين أن المفتي مثقل بالأعمال (!!).

٣ - أن من اطلع على الفتوى يحتاج إلى أن يقرأ الكتاب أولاً فإذا كان ضاراً تكون الفتوى سبباً في إذاعة الضرر (!!).٤ - أن فتوى الإمام ستكون على المذهب الحنفي الذي عينته الحكومة ليفتي على أساسه في حين أن بعض المذاهب قد أباحت كشف المرأة لوجهها ويديها (٣).أما الفصول التي أثبت الأستاذ محمد عمارة أنها للشيخ محمد عبده فهي "الحجاب الشرعي" و" الزواج" و"تعدد الزوجات" و"الطلاق" ثم قال عنها "إنما هي فكر خالص وصياغة خالصة للأستاذ الإمام" (٤) وأقول أن هذه الفصول هي أهم ما في الكتاب. ومن هنا ندرك أن الشيخ محمد عبده يقف خلف هذه الدعوة ولذلك نرى الشيخ مصطفى صبري يكتب تحت عنوان (الأستاذ الإمام وكتاب الله في كفي الميزان) فيقول:- "وإني أرى الرسالة المستنكرة – يعني (رسالة الفن القصصي في القرآن الكريم) – وما سبقها في مصر من الأحداث والفتن المماثلة الماسة بدين الإسلام وعقائده والمحفوظة إلى عصر الشيخ محمد عبده كلها ناشئة عن الأسس التي ابتدعها هذا الشيخ الملقب بالأستاذ الإمام ... فلا مناص إذن للقضاء على تيار الفتنة من مصدرها من أن تفصل الدعوى مع الإمام دون المؤتمين" (٥).

المصدر:المدرسة العقلية الحديثة في التفسير لفهد الرومي - ص ١٢٤

ومن رواد هذه المدرسة وتلاميذ الشيخ محمد عبده:

- محمد رشيد رضا الذي بدأ يتحول تدريجيا من منهج المدرسة العقلية إلى منهج السلف ولعل بداية التحول, أعقبت وفاة أستاذه محمد عبده, فقد صار يهتم بطبع كتب السلف في مطبعة المنار, مثل كتب ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب ونحوهم.

- ومن أعلام هذه المدرسة, الشيخ محمد مصطفى المراغي, شيخ الجامع الأزهر, وكان من أكبر تلاميذ الإمام محمد عبده.

- ومنهم: الشيخ محمود شلتوت, وأحمد المراغي, وعبد العزيز جاويش, ومحمد فريد وجدي وغيرهم. هذا وإن اجتهادات الشيخ وكبار تلاميذه, مما خالفوا فيه الجمهور مع فتح باب الاجتهاد العصراني, أدت إلى ظهور طبقة من تلامذة الشيخ, كان لها انحرافات حادة في مجال الأسرة: مثل قاسم أمين في كتابه (المرأة الجديدة) و (تحرير المرأة). وعلي عبد الرزاق في السياسة الشرعية, إذ دعا إلى فصل الدين عن الدولة على غرار النصارى (٦) , وفي أمور أخرى.

المصدر:العصرانيون بين مزاعم التجديد وميادين التغريب لمحمد حامد الناصر – ص ٤١


(١) ((الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده)) جمع وتحقيق محمد عمارة (١/ ٢٥٥).
(٢) ((تاريخ الأستاذ الإمام)) للسيد محمد رشيد رضا (١/ ١٠٥١).
(٣) ((مجلة المنار)) المجلد ٤ (١/ ٣٣ - ٣٤) في غرة ذي القعدة ١٣١٨هـ.
(٤) ((الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده)) جمع وتحقيق محمد عمارة (١/ ٢٥٨).
(٥) ((موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين وعباده المرسلين)) مصطفى صبري (١/ ٣٤٦).
(٦) انظر ((مفهوم تجديد الدين)) بسطامي محمد سعيد (ص ١٤٣ - ١٤٦) و (ص١٤٧ - ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>