للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن أم ذَرَّةَ (٥) قالت: «بَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى عَائِشَة بِمَالٍ فِي غِرَارَتَيْنِ (١) يَكُونُ مِائَةَ أَلْفٍ فَدَعَتْ بِطَبَقٍ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صَائِمَةٌ، فَجَعَلَتْ تَقْسِمُ فِي النَّاسِ، قال: فلما أمست قالت: يا جارية هاتي فِطْرِي، فَقَالَتْ أُمُّ ذَرَّةَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَمَا اسْتَطَعْتِ فِيمَا أَنْفَقْتِ أَنْ تَشْتَرِيَ بِدِرْهَمٍ لَحْمًا تُفْطِرِينَ عَلَيْهِ؟ فَقَالَتْ: لا تُعَنِّفِينِي (٢) لَوْ كُنْتِ أَذْكَرْتِنِي لَفَعَلْتُ» (٣).

ثالثًا: زهدها وورعها:

كانت أُمّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها مع صيامها وقيامها وكرمها وجودها تكره أن يُثْنَي عليها وأن تُمْدح وهي تسمع، مخافة الرياء، وتقول: «يَا لَيْتَنِي كُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا» (٤).

وكثيرًا ما كانت تتمثَّل ببيت لبيد بن ربيعة (٥):


(٦) هي: أم ذرة المدنية، مولاة عَائِشَة، روت عَن: مولاتها عَائِشَة أُمّ المؤمنين، وأم سلمة زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال ابن حجر: "مذكورة في الصّحابيات". الإصابة ٨/ ٣٨٨.
ينظر في ترجمتها: الطبقات الكبرى ٨/ ٣٥٣، وتهذيب الكمال ٣٥/ ٣٥٨، والإصابة ٨/ ٣٨٨.
(١) الغِرَارَة: بكسر الغين: الكيس الكبير من الصوف أو الشعر. ينظر: لسان العرب ٥/ ١٦، وتاج العروس ١٣/ ٢٢٦.
(٢) التَعْنيفُ: التوبيخ والتقريع واللوم. ينظر: تهذيب اللغة ٣/ ٥، والصحاح ٤/ ١٤٠٧، ولسان العرب ٩/ ٢٥٨.
(٣) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٨/ ٥٣، وأبو نعيم في حلية الأولياء ٢/ ٤٧، وأورده الذهبي في سير أعلام النبلاء ٢/ ١٨٧، وقال محققو السير: "رجاله ثقات".
(٤) أخرجه معمر بن راشد في جامعه ١١/ ٣٠٧ (٢٠٦١٦)، والإمام أحمد في فضائل الصحابة ١/ ٤٦٢، رقم (٧٥٠)، وأبو داود في الزهد ص (٢٧٩)، رقم (٣١٨)، والطبراني في مسند الشاميين ٤/ ٢٠١، رقم (٣١٠٢)، وأبو نعيم في حلية الأولياء ٢/ ٤٥، والبيهقي في شعب الإيمان ٢/ ٢٢٩، والحديث إسناده صحيح.
(٥) هو: لبيد بن ربيعة بن مالك العامري، أحد شعراء الجاهلية البارزين، من أهل نجد ثم سكن الكوفة، وقد أدرك الإسلام، ووفد على النبي صلى الله عليه وسلم، ولما أسلم لم يقل شعراً، وقال: يكفيني القرآن، مات سنة (٤١هـ).
ينظر في ترجمته: تهذيب الأسماء واللغات ٢/ ٧٠، والأعلام ٥/ ٢٤٠.

<<  <   >  >>