للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شكريه: شكري إيّاه وقال المتنبي:

ولم نَمْلَلْ تفَقُّدَكَ المَوالِي ... ولم نَذْمُمْ أياديَكَ الجِساما

ولَكِنَّ الغُيُوثَ إذا تَوالَتْ ... بأرْضِ مُسافرٍ كرِهَ المُقاما

المَوالي جمع مولى: العبد، وتروى المُوالي: أي الذي يلي بعضُه بعضاً، والأيادي النعم، والجسام: العظام، وقوله ولكن الغيوث. . . البيت، فالغيوث جمع غيث: المطر، وتوالت: تتابعت، والمقام: الإقامة؛ يقول: إن المسافر إذا كثر عليه المطرُ مَلّ إقامتَه واحتباسَه، لأجل المطر، كذلك نحن، عطاياك تتوالى علينا وأنت قيّدتنا بإحسانِك وأنا مسافرٌ أريد الارتحال ولولا هذا لم أمَلَّ نعمتك، والمطر يسأله كلُّ أحدٍ إلا المسافر. . . وقال البحتري وأبدع:

أَخْجَلْتَني بنَدى يَدَيكَ فسَوَّدَتْ ... ما بيْنَنا تلْكَ اليَدُ البَيْضاءُ

وقَطعْتَني بالجُودِ حتّى إنَّني ... مُتَخَوِّفٌ أنْ لا يكونَ لِقاءُ

صِلَةٌ غَدَتْ في الناسِ وَهْيَ قطِيعةٌ ... عَجَبٌ، وبِرٌّ راحَ وهْوَ جَفاءُ

وقال أيضاً:

إيهاً أبا الفَضْلِ شُكْري منكَ في نَصَبِ ... أقْصِرُ فماليَ في جَدْواكَ من أرَبِ

لا أقْبَلُ الدَّهْرَ نَيْلاً لا يقومُ به ... شُكْري ولو كان مُسْدِيِه إليَّ أبي

ومن ألفاظهم في ذلك: شُكْرُه شأوٌ بعيدٌ لا تبلغه أشواطي، ولا أتلافى التفريطَ فيه بإفراطي الأشواط جمع شَوْط: الجَرْيُ مَرَّةً إلى غايةٍ تقول: عدا - جرى - شوطاً، أي طَلَقاً وعندي له مَبارٌّ أعجَزني شكرُها، كما أعوزني حصرُها مبارٌّ جمع مبرّة وقال بعض الشعراء في الصاحب بن عباد:

وَفَدْنا لنَشْكُرَ كافي الكُفاةِ ... ونَسْأَلَهُ الكَفَّ عن بِرِّنا

فقال بعض الحاضرين: قد كُفيت، فإنّ الصاحبَ صار لا يُعطي شيئاً. . .