للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الباب الثاني في الشكر والحمد والثناء]

وهذا بابُ الشكر بابٌ له مكانتُه فيما خلّفوه لنا من آدابٍ وذخائرَ، وإنَّ بينه وبين البر على جميع ألوانه لَرَحِماً ماسةً وقرابةً قريبةً، ومن ثمَّ جعلناه رِدْفاً له، وأفردنا له هذا الباب.

[معنى الشكر]

والشكر: مقابلةُ النعمةِ بالقولِ والفعلِ والنيةِ، فيثني المُنْعَم عليه على المُنْعِم بلِسانه، ويذيبُ نفسَه في طاعته، ويعتقد أنّه موليها؛ وهو من شَكَرَت الإبل تَشْكُرُ: إذا أصابت مرعىً فسَمِنَتْ عليه. وإذن يكون معنى شُكْرِ العبدِ لربّه: أن يجهدَ العبدُ جُهْدَه في طاعةِ الله، ويؤدّي ما وظّف اللهُ عليه من عبادته، ويعتقد أنّه هو وحده وليُّ نعمته، وأن يكثرَ من الثناءِ عليه عزَّ وتقدَّس. . . وقد جاء الشكور وصفاً للهِ عزّ وجل، ومعناه أنه يزكو عندَه القليلُ من أعمالِ العبادِ فيُضاعفُ لهم الجزاءَ، وقد يكون معناه: المغفرة. . . هذا؛ وإنَّ فرقاً بين الشكرِ والحَمْدِ، فالشكرُ لا يكونُ إلا عن يدٍ، والحمدُ عن يدٍ وعن غيرِ يدٍ وأنشدوا لأبي نُخَيْلةَ: