قوله سبحانه: إنّما مثل الحياة الدنيا، أي في سرعة تقضِّيها وذهابِ نَعيمِها بعد إقبالِها واغترارِ الناسِ بها، وزخرفها: حسنُها وبهجتُها، وقادرون عليها: أي متمكّنون من حَصْدِها، وأتاها أمرنا، أي نزل بزرعِها ما يجتاحُه فجعلَها اللهُ كأنها حُصدت من أصلها فصار زرعُها كأنه لم يكن وقال أبو جعفر المنصور حين حضرتْه الوفاة: بِعْنا الآخرةَ بنَوْمةٍ. . . وقال شاعر:
أراها وإنْ كانت تُحَبُّ فإنَّها ... سَحابَةُ صَيْفٍ عن قَليلٍ تَقَشَّعُ
وقال أعرابي: ما كانت الدنيا على بني فلان إلا طيفاً لما انتبهوا ولّى عنهم، وقال آخر:
تَلَوّنَ مُعْتَرِضاً في السّماء ... فلمّا تَمَكَّنَ مِنْهَا نَزَحْ
[الماضي والحاضر والمستقبل]
قال الحسن البصري: أمْس أجل، واليوم عمل، وغداً أمل. . .، وقال حكيم: بيني وبين الملوك يومٌ واحد؛ أما أمس فلا يجدون لذَّتَه ولا أجد شدَّتَه وأما غدٌ فإنّي وإيّاهم منه على خطر، وما هو إلا اليوم، فما عسى أن يكون!