ومن ذا المثل: حالَ الجَريضُ دون القَريض، قال عَبيد بن الأبرص للمنذرِ حين أراد قتلَه وقال له: أنشدني من قولك، فقال عند ذلك: حال الجريضُ دون القريض، الجريض: الغصصُ واختلافُ الفكَّين عند الموت، والقريضُ: الجِرّة - لأنه إذا غُصَّ لم يقدر على قرضِ جِرّته، والقريضُ أيضاً: الشِّعْر، ويقال استاثرَ اللهُ به، وانْحلَّ تركيبُه، ومضى لِما خُلِقَ له، وأتاه ما كان يحذرُ، وأكلَ الدَّهرُ عليهم وشَرِبَ، وهذا مقلوب، وإنّما هو: أكلوا على الدَّهرِ وشَربوا؛ وصَفِرَ وِطابُه، ومعناه: أنَّ جسمَه خلا من روحِه؛ وأجود وصف للموت قولُ سيّدنا رسول الله:(أكثروا من ذكر هاذِمِ اللّذّات). . ولنجتزئ بهذا المقدار.
[تعظيم أمر الموت]
قال الحسنُ البصريُّ: إنَّ الموتَ قد فَضَحَ الدُّنيا. . .
وكان كثيراً ما يقول: عندَ الموتِ يأتيك الخَبَرُ. . . وقال له رجلٌ يوماً إنْ عِشْتَ ترَ ما لَمْ تَرَه، فقال: إنْ مِتَّ تَرَ ما لَمْ تَره. . وفي الأثر: ما رأيْتُ مَنْظراً فظيعاً إلا والموتُ أعظمُ منه. .