للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانتِ الفرسُ والرومُ مختلفينَ في الاستشارة، فقالَتْ الرُّومُ: نحنُ لا نُمَلِّكُ من يَحْتاجُ إلى أن يستشيرَ، وقالت الفرسُ: ونحنُ لا نُمَلِّكُ مَنْ يَستَغْني عَنِ المُشاورة، وقَدْ فُضِّلَ الفُرْسُ لقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}.

المتفادى من أن يُستشار

ومن الناس من يكرَه أن يُشير: استشار عبدُ الله بنُ عليٍّ عبدَ اللهِ بنَ المقفَّع فيما كان بينه وبين أبي جعفر المنصور، فقال ابن المقفع: لَسْتُ أقودُ جيشاً، ولا أتقلَّد حَرْباً، ولا أشيرُ بِسَفْكِ دمٍ، وعثرةُ الحَرْبِ لا تُسْتَقال، وغيري أوْلى بالمَشورةِ في هذا المكان. . .

واجْتَمعَ رُؤساءُ بني سعدٍ إلى أكثمَ بنِ صيفي يَسْتشيرونَه فيما دَهمَهُمْ يومَ الكُلاب، فقال: إنّ وهنَ الكِبَرِ قد فَشا في بَدني، وليسَ معي من حِدَّةِ الذِّهْنِ ما أبْتدِئُ بهِ الرأيَ، ولكن اجتمعوا

وقولوا، فإنّي إذا مَرَّ بي الصوابُ عَرَفْتُه.

الأناةُ والرَّويَّةُ والعَجلة

مَدْحُ الأناة والروية وذمّ العجلة

وكانوا يمدحون الأناةَ في الرأي وإجالةَ الفكرةِ فيه وعدم التسرع.

كان عبد الله بنُ وَهْبٍ الراسيُّ يقول: إيّايَ والرأيَ الفطير! وكان يستعيذُ باللهِ من الرّأيِ الدَّبَرِيّ. الفطير: كلُّ ما أعْجِلَ عن إدْراكِه، تقول فَطَرْتُ العجينَ، وهو