للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالوا المتأنّي في علاج الدَّاء، بَعْدَ أن عرف الدواء، كالمتأني في إطفاءِ النار وقد أخذَتْ بِحواشي ثِيابه. . . وسأل أبو عليٍّ البصيرُ بعضَ الأمراءِ حاجةً: فقال له: رُحْ إلى وقْتِ العصر فجاء وقتَ الظهر، فقال: ألمْ أعِدْك وقتَ العَصْر؟ فقال: نعم، ولكن رأيتُ الإفراطِ في الاسْتِظْهارِ أحْمدَ من الاستظهارِ في التواني. . . والاستظهار هنا معناه: الاحتياطُ والاستيثاق

ومِنْ قولِهمْ في انْتهازِ الفرصِ: الهيبةُ خيبةٌ والفرصة تَمُرُّ مرَّ السّحابِ. . .

وقالوا: انتهزِ الفرصةَ قبل أنْ تعودَ غصَّةً. وقالوا: الافتراض اقتناص. .

[عبقريات شتى في المشورة]

قال عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب - شاعر ضخمٌ أدرك الدولة العباسية -:

إذا كنْتَ في حاجَةٍ مُرْسِلاً ... فأرْسِلْ حَكيماً ولا تُوصِهِ

وإنْ بابُ أمْرٍ عليكَ الْتَوى ... فشاوِرْ لَبيباً ولا تَعْصِهِ

ولا تَنْطِقِ الدَّهْرَ في مَجلسٍ ... حَديثاً إذا أنْتَ لمْ تُحْصِهِ

ونُصَّ الحديثَ إلى أهْلِه ... فإنَّ الوثيقةَ في نَصِّهِ

وإنْ ناصِحٌ منك يَوْماً دَنا ... فلا تَنأ عَنْهُ ولا تُقْصِهِ

وكَمْ مِنْ فَتًى شاخِصٍ عقلُه ... وقد تَعْجَبُ العينُ مِنْ شَخْصَهِ

وآخَرَ تَحْسَبُه جاهِلاً ... ويأتيكَ بالأمْرِ مِنْ فُصِّهِ