ليْتَه مملوءٌ بَعْراً! قال ابن عباس: فقلت: يا أبا عبد الله، إنك كنت تقول: أشتهي أن أرى عاقلاً يموت حتى أسألَه: كيف يَجِدُ، فكيف تَجِدُك؟ قال: أجدُ السماءَ كأنَّها مُطْبَقَةٌ على الأرض وأنا بينهما، وأراني كأنّما أتَنفَّس من خَرْتِ إبرة! ثم قال: اللهم، خذ مني حتى ترضى، ثم رفع يديه فقال: اللهم، أمَرْتَ فعَصَيْنا، ونَهيْتَ فَرَكِبْنا، فلا بريءٌ فأعْتذر ولا قويٌّ فأنتصر ولكن لا إله إلا الله - ثلاثاً - ثمَّ فاظَ. . . قوله: من خَرْتِ إبرة يعني: من ثَقب إبرة، وقوله: فاظ: أي مات
[ماذا قال عبد الله بن الزبير حين أتاه خبر مقتل أخيه المصعب]
لمّا أتى عبد اللهَ بنَ الزبيرِ خبرُ قتلِ المُصْعب بنِ الزبيرِ خطبَ الناس فحَمِدَ اللهَ وأثنى عليه ثم قال: إنّه أتانا خبرُ قتلِ المصعب فسُرِرْنا بهِ واكْتَأبْنا له، فأمّا السُّرورُ: فلِما قُدِّر لهُ من
الشهادةِ وحيزَ له مِن الثوابِ، وأمّا الكآبةُ فلَوْعةٌ يَجدها الحميمُ عند فِراقِ حَميمه، وإنَّا واللهِ ما نموت حَبَجاً كميتة آل أبي العاصي، إنّما نموتُ واللهِ قتلاً بالرِّماح وقَعْصاً تحتَ ظلالِ السيوف، فإن يَهْلكِ المصعبُ فإنَّ في آلِ الزُّبيرِ منه خَلفاً. . . الحَبَجُ: أن يأكل البعير لِحاءَ العَرْفَجِ فيتكبَّبُ في بطنه ويضيق مبعَرُه عنه فلا يَخْرُجُ من جوفه فَيَهلِكُ، يُعرّض بِبني مروان ويَنعي عَليْهمْ كثرةَ أكْلِهِمْ وإسْرافِهمْ في ملاذِ الشَّهواتِ وأنَّهم يموتون بالتُّخْمة. واللوعةُ: الحُرْقة، والقَعْص: القتل المعجل وقد قعصه: إذا ضربَه أو رماه فماتَ مكانَه، وأقْعَصه كذلك والمُقْعص: المقتول