للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأخْلِفْ وأتْلِفْ إنَّما المالُ عارةٌ ... فَكُلْه مَعَ الدَّهرِ الذي هو آكِلُهْ

فأهْونُ مَفْقودٍ وأيْسرُ هالِكٍ ... عَلى الحَيِّ مَنْ لمْ يَبْلغِ الحَيَّ نائِلُهْ

فأخلف: يريد استفد خلف ما أتلفت، وقد أخلف فلان لنفسه: إذا ذهب له شيء فجعل مكانه آخر، وعارة: معار، والعارة والعارية: ما يُتداول بين الناس ويقول جرير:

وإنّي لأسْتَحْيي أخي أن أرَى له ... عليَّ مِنَ الحَقِّ الذي لا يَرى لِيا

يقول جرير: إني لأستحيي أخي أن يكون له عليَّ فضلٌ ولا يكونَ لي عليه فضل ومني إليه مكافأة، فأستحيي أن أرى له عليَّ حقاً لما فعل إليّ ولا أفعل إليه ما يكون لي به عليه حقٌّ، قال المبرد: وهذا من مذاهب الكرام ومما تأخذ به أنْفُسَها

أبياتٌ مَنْ لم يروِها فلا مروءةَ له

وهذه أبيات كانوا يقولون: إنه من لم يروِها فلا مروءة له. وهي لشاعر يسمى أيمن بن خريم بن فاتِك الأسدي، شاعر شريف فارس، وكان يتشيع، وأبوه خريم له صحبة، وهو ممن اعتزل الجمل وصفِّين وما بعدهما من الأحداث، وقيل: إن هذه الأبيات للأقيشر، وهو شاعر إسلامي، قال:

وصَهْباَء جُرجانيّةٍ لمْ يَطُفْ بها ... حَنيفٌ ولمْ تَنْغَرْ بها ساعةً قِدْرُ

ولَمْ يَحْضُرِ القُسُّ المُهَيْنِمُ نارَها ... طُروقاً ولمْ يَشْهَدْ على طَبْخِها حَبْرُ

أتاني بِها يَحيى وقدْ نِمْتُ نَوْمةً ... وقدْ غابتِ الشِّعْرى وقدْ طَلَعَ النَّسْرُ

فقُلْتُ: اغْتَبِقْها أوْ لِغَيْرِيَ فاسْقِها ... فما أنا بَعْدَ الشِّيبِ وَيْبَكَ والخَمْرُ

تَعَفَّفْتُ عَنها في العُصورِ الّتي خَلَتْ ... فكيفَ التَّصابي بَعْدَ ما كَلأ العُمْرُ

إذا المَرْءُ وفّى الأرْبَعينَ ولمْ يَكُنْ ... لهُ دونَ ما يأنى حَياءٌ ولا سِتْرُ