وقال معاوية لصَعْصَعةَ بنِ صوحان: صف لي الناس، فقال: خُلق الناسُ أطواراً، طائفةٌ للسيادة والولاية، وطائفةٌ للفقه والسنة، وطائفة للبأسِ والنّجدة، ورِجْرِةٌ بين ذلك، يُغْلون السعر، ويكدِّرون الماءَ، إذا اجتمعوا ضرّوا، وإذا تفرقوا لم يُعرَفوا. . . . ومن طريف التفاسير وغريبها ما قيل في قوله تعالى:{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ} أي من السلطان
{أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} أي من السَّفِل. وقال دعبل:
ما أكثرَ الناسَ لا بل ما أقلَّهُمُ ... اللهُ يعلمُ أنّي لم أقلْ فَنَدا
إنِّي لأفتحُ عيني حينَ أفتَحُها ... على كثيرٍ ولكنْ لا أرى أحَداً
وهم يشبهون سوادَ الناس بالدَّبا، والدَّبا مقصور: الجرادُ قبل أن يطير، وفي حديث عائشة قالت:(كيف الناس بعد ذلك؟ قال: دَبًى يأكلُ شدادُه ضعافَه حتّى تقومَ عليهم الساعة). . . .
[قلة الوفاء في الناس وشيوع الغدر والمكر في عامتهم]
وقالوا في قلّة الوفاء في الناس ووصف عامّتهم بالغَدْر، والمكر السّيّئ، ومن أروع ما قيل في ذلك قوله ُعزّ وجلّ:{وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ}. . وقال سبحانه:{وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}. . . . وقال:{أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ} وقال: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ