في الحديث:(إنّ اللهَ يُبغض من عباده السائلَ المُلْحِفَ)، وقال حكيم: لا يكثرن الرجل على أخيه المسألةَ، فإنَّ العجل إذا أفرط في مصِّ أمِّه نَطحته ونحَّته، وقال بشار بن برد:
ولَيْسَ لِلْمُلْحِفِ مثلُ الرّدِّ
ووقع بعض الكبار في قِصَّةِ مُلحٍّ مُكثرٍ للسؤال: دَعْ هذا الضَّرْعَ يَدِرَّ لغيرك كما دَرَّ لك. وقالوا: اطلبوا الحاجاتِ بعزّة النفس فإنَّ بيد اللهِ قضاءَها. . . وقال ابن الرومي في الإحسان يتوصّل إليه بهوان:
إذا أنا نالَتْني فواضِلُ مُفْضِلٍ ... فأهْلاً بها ما لَمْ تَكُنْ بِهَوانِ
فأمَّا إذا كان الهَوانُ قَرينَها ... فبُعْداً لها ما ينْقَضِي لأوانِ
ومَنْ ذا الذي يَلْتَذُّ شَهْداً بعَلْقَمٍ ... أبَتْ لَهَواتي ذاكَ والشَّفتانِ
دِقَّةُ موقف السائل: ومن عبقريّاتهم في صعوبةِ موقف من يسأل لنفسه شيئاً ولاسيّما إذا كان ممّن يكرّمون أنفسهم:
قال سعيد بن العاص: موطنانِ لا أعتذر من العِيِّ فيهما: إذا سألت حاجةً لنفسي، وإذا كلّمت جاهلاً. . . وسار الفضل بن الربيع - الوزير كان - إلى أبي عبّاد في نَكبته يسأله حاجةً، فأُرْتِجَ عليه، فقال له أبو عباد: بهذا اللسان خدمت خليفتين! فقال الفضل: إنَّا تعوّدنا أن نُسألَ لا أن نَسأل. . . وكلّم أعرابيٌ خالدَ بنَ عبد الله، وتلجلج في كلامِه، فقال: لا تلُمْني على الاختلاط، فإن معي ذلَّ الحاجة ومعك عزُّ الاستغناء. . .