للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الأحْنَفُ بنُ قيس: لا حِلْمَ لِمَنْ لا سَفيهَ له. وقال: ما قلَّ سفهاءُ قومٍ إلا ذَلّوا. . .

وقال الجاحظ: مَنْ قابلَ الإساءةَ بالإحسانِ فقَدْ خالَفَ اللهَ في تَدْبيرِه، وظَنَّ أنَّ رحمةَ اللهِ دونَ رحمته، فإنَّ الله تعالى يقول: {مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} وقال: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا}. وقال الشعبيُّ: يُعجبني الرَّجلُ إذا سيمَ هَواناً دَعَتْه الأنفةُ إلى المُكافأةِ {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا}؛ ورُفع كلامُه إلى الحجّاج فقال: لله درُّه! أيُّ رجلٍ بين جَنْبَيْه! وتمثّل بقول الشاعر:

ولا خيرَ في عِرْضِ امْرئٍ لا يَصونُه ... ولا خيرَ في حِلْمِ امْرئٍ ذَلَّ جانِبُهْ

دَفْعُ الجهل بالجهل

قال محمد بْنُ وهيب:

لَئِنْ كُنْتُ مُحْتاجاً إلى الحِلْمِ إنني ... إلى الجَهْلِ في بعضِ الأحايينِ أحْوَجُ

ولي فَرَسٌ لِلْحِلْمِ بالحِلْمِ مُلُجَمٌ ... ولي فَرسٌ لِلْجَهْلِ بالجَهْلِ مُسْرَجُ

فَمَنْ رامَ تَقويمي فإنّي مُقَوَّمٌ ... ومَنْ رامَ تَعْويجي فإنّي مُعَوَّجُ

وما كُنْتُ أرْضى الجَهْلَ خِدْناً وصاحِباً ... ولَكنَّني أرْضى به حينَ أحْرَجُ

وإنْ قالَ بعضُ الناسِ: فيهِ سَماجَةٌ ... فَقَدْ صَدقوا، والذَّلُّ بالحُرِّ أسْمَجُ

وقال إياس بنُ قتادة - وهو بارعٌ جداً -:

تُعاقِبُ أيدينا ويَحْلُمُ رأيُنا ... ونَشْتِمُ بالأفْعالِ لا بالتَّكلُّمِ

وقال أوسُ بن حَبْناءَ - شاعرٌ إسلامي تميمي وحبناءُ أمُّه -:

إذا المَرْءُ أوْلاكَ الهَوانَ فأوْلِه ... هَواناً وإنْ كانَتْ قَريباً أواصِرُهْ