َ الخُلُق حَسنَ الوجه. . . وقال الفلاسفة: قلّ صورةٌ حسنةٌ تَتْبَعها نَفس رديئة. وقال جالينوس: ينبغي للرجل أن ينظرَ إلى وَجْهِه في المرآة، فإن كان حسنَ الوجهِ جعل عنايتَه أن يضمَّ إلى جَمالِ وجهه كمالَ خُلُقه وكمالَ نَفْسِه، وإن رأى صورةً سَمِجَةً تحرَّز من أن يكونَ دميمَ الخَلق ذَميم الخُلُق. . . ونظر فيلسوفٌ إلى غلامٍ حسن الوجه يتعلّم العلمَ فقال: أحسنتَ، إذْ قرنتَ بحسن خَلْقك حسنَ خُلقك. . . ونظر فيلسوفٌ إلى رجلٍ حسن الوجه خبيثِ النفس فقال: بيتٌ حسنٌ وفيه ساكِن نذلٌ. . . ورأى آخرُ شاباً جميلاً فقال: سلبَتْ محاسنُ وجْهِك فضائلَ نَفْسِك. . . وقالوا:
فلا تجعل الحُسنَ الدَّليلَ على الفتى ... فما كلُّ مصْقُولِ الحديدِ يمانِ
و:
ألمْ ترَ أنّ الماَء يخلُفُ طعمُه ... وإن كان لَونُ الماءِ في العين صافِيا
واستَعْرضَ المأمونُ الجُندَ فمرّ به رجلٌ دميمٌ، فاستنطقه، فرآه ألْكَنَ، فأمر بإسقاطه وقال: إن الروحَ إذا كانت ظاهرةً كانت وَسامةً، وإذا كانت باطِنةً كانت فَصاحةً، وأراه لا ظاهرَ له ولا باطن. . .
وبعد فسيمرُّ بك كثيرٌ من عبقرياتهم فيما يتصل بهذه المعاني ويمتّ إليها بسبب واصل، في باب الطبائع. . . وباب الصداقة والصديق. . . وباب عبقرياتهم في معانٍ شتى. . .
[التقوى]
وهاك اللونَ الأخيرَ من ألوان البِرِّ، ولقد أسمعناك فيما أسلفنا أن التقوى