للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نفع المرض]

اعتلَّ الفضلُ بن سهلٍ بخراسانَ، ثم بَرَأ، فجلسَ للناس فهنّؤوه بالعافية وتصرَّفوا في فنون الكلام، فلمّا فرغوا أقبلَ على الناسِ فقال: إنَّ في العللِ نعماً ينبغي للعاقلِ أن يعرفَها: تمحيصُ الذنبِ، والتعرُّضُ للثوابِ، والإيقاظُ من الغَفْلةِ، والإذْكارُ بالنِّعْمةِ في حال الصِّحةِ، والاسْتدعاءُ للتوبةِ، والحَضُّ على الصدقةِ، وفي قضاء الله وقدره الخيار. . . . . واعتلَّ بَعْضهم فقال: اللَّهمَّ اجْعلْه أدَباً لا غَضَباً. . . وفي الحديث الشريف: (إنَّ المريضَ تَتحاتُّ عنهُ خطاياه كما يَتَحاتُّ ورقُ الشجرِ). . . . وذُكرَتْ الأدواءُ عندَ أبي الدَّرْداءِ فقال رجلٌ: ما اشْتَكَيْتُ قطُّ، فقال: لا جرم أنَّ ذنوبَك لم تُحَطَّ عَنْكَ. . .

وصفُ العِلَّةِ بأنّها تنال الأماثِلَ

قال أبو تمام من أبياتٍ في مرض إلياسَ بنِ أسدٍ:

فإنْ يكنْ وَصَبٌ عايَنْتَ سورتَه ... فالوِرْدُ حِلْفٌ لليثِ الغابةِ الأضِمِ

إنَّ الرِّياحَ إذا ما أعْصَفَتْ قَصَفَتْ ... عَيْدانَ نَجْدٍ ولا يَعْبَأنَ بالرَّتَمِ

بناتُ نَعْشٍ ونَعْشٌ لا كُسوفَ لَها ... والشَّمْسُ والبَدْرُ مِنها الدَّهرَ في الرَّقَمِ

قدْ يُنْعِمُ اللهُ بالبَلْوى وإنْ عَظُمَتْ ... ويَبْتلي اللهُ بعضَ القومِ بالنِّعَمِ

الوصب هنا: المَرض، وسورته: شِدّته: والوِرد: الحِمَّى، والأضِم: الغضبان: وعَيْدان (بالفتح) جَمْع عَيدانة وهي: النّخلةُ الطويلة والشجرة