أم قبلَ ذلك والملائكةُ تقول لبارئِها {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء}؛ ما فَسَدَ الناس، ولكن اطَّرد القياس؛ ولا أظلمتِ الأيّام، وإنّما امتدَّ الإظلام؛ وهل يَفْسُدُ الشَّيءُ إلا عن صلاح، ويُمسي المرءُ إلا عَنْ صَباح!
إنكار ذمِّ الدَّهر
رَوَوْا لنا عن سيدِنا رسولِ اللهِ (لا تسبّوا الدَّهْرَ فإنَّ الدَّهْرَ هو الله)، وفي روايةٍ:(فإنَّ اللهَ هو الدَّهر) يقول صلوات الله عليه: إنّ ما أصابك من الدَّهرِ فاللهُ فاعلُه ليس الدَّهر، فإذا شتمت الدَّهرَ فكأنّك أردت به اللهَ: وكان من شأنِ العربِ أن تَذُمَّ الدَّهرَ وتسبّه عند الحوادثِ والنّوازلِ تنزل بهم من موتٍ أو هَرَمٍ ويقولون: أبادَهم الدهرُ وأصابتهم قوارِعُ الدّهرِ وحوادثُه، فيجعلون الدَّهْرَ الذي يفعل ذلك فيَذُمّونه، وقد ذكروا ذلك في أشعارِهم وأخبرَ اللهُ تعالى عنهم بذلك في كتابه العزيز ثم كذَّبهم فقال:{وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ
وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ}، قال الله عز وجل: {وَمَا لَهُم