نظره، فِعْلَ مَنْ يعرف الشيءَ ويتكلَّفُ جهله؛ ويقال: ملأتُ عليه الأرضَ إذا ضيَّقْتَها عليه، أمّا إذا قلتَ: ملأت مِنْه الأرضَ فمعناهُ: أنّك قمتَ وقعدتَ بِذكْرِه؛ والحابِل: ناصبُ الحِبالة وهي التي يُصادُ بها، وكِفَّةُ الحابِل: حِبالته التي بها يَصيد، وكلُّ ما اسْتدارَ فَهْوَ كِفَّةٌ: يقول في هذا البيت: قد ضاقَتْ به الأرضُ مِنْ عداوتي فكأنّي مَلأتُها عليه، ويجوز أن يكون المرادُ: أنّه يخافُني في كل مَسْلكً يسلُكُه. . . وفي معنى هذا البيت قول القائل:
وقوله: إذا ذُكِرَتْ. . . البيت فالمسعاةُ: السعي، وهو العمل، واضطنى: افتعل من الضَّنى، يقال: ضنى يَضنى: إذا دقَّ وصغُرَ جِسْمُه ومن ثمَّ سمِّيَ المرضُ ضَنىً، لما يورِثُ مِنَ الهُزالِ، يقول إنه يَضنى إذا ذُكرَ صَنيعُ والده، لِقُبْحِه: ومع هذا يشتُمُ أهْلَ الفَضائلِ ولا
يَضْنى من ذلك، يصفه بالقِحَة.
[أبيات في الصبر والشجاعة والكرم]
قال عبد العزيز بن زرارة الكلبي - وقد كان في الجيش الذي بعثه معاوية بن أبي سفيان لغزو بلاد الروم سنة ٤٩هـ فأوغلوا فيها حتى بلغوا القسطنطينية، فاقتتل المسلمون والروم قتالاً شديداً، ولم يزل عبد العزيز هذا يتعرض للشهادة وهو يقول هذه الأبيات، ثم حَمَلَ على من يليه فقتل خلقاً كثيراً وانغمس بينهم فشَجَره الرومُ برماحِهم فقتلوه؛ والأبيات:
قدْ عِشْتُ في الدَّهْرِ ألواناً عَلى طُرُقٍ ... شَتَّى وقاسَيْتُ فيها اللِّينَ والفَظَعا