للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولَوْ كانَ الكثيرُ يَطيبُ كانَتْ ... مُصاحبةُ الكثيرِ مِنَ الصَّوابِ

وما اللُّججُ المِلاحُ بِمُرْوياتٍ ... وتَلْقى الرِّيَّ في النُّطَفِ العِذابِ

وبعد فإن الباب متَّسعٌ جداً، وسيمرّ عليكَ كثيرٌ مِنْ عَبْقريّاتهم فيه في باب الإخوانيات وباب الطبائع، فلنَجْتزئْ بهذا المقدار.

[الغوغاء]

ولهم في السُّقاطِ والسَّفِلةِ وهذه الرِّجْرة من الناس كلام كثير، فمن ذلك قولُ واصِل بن عَطاء: ألا قاتلَ اللهُ هذه السَّفِلةِ توادُّ من حادَّ اللهَ ونبيَّه، وتحادُّ من وادَّ اللهَ ونبيَّه، وتذمُّ من مدَحه اللهُ، وتمدح من ذمَّه الله، على أنَّ بهم عُلِمَ الفضلُ لأهل الطبقة العالية، وبهم أعطيت الأوْساطُ حظاً من النُّبل. . . .

ومنه قول سيدنا علي رضي الله عنه. وقد أُتيَ بجانٍ ومعه غَوْغاء - فقال: لا مرحباً بوجوهٍ لا تُرى إلا عند كل سَوْأة. . . وقوله رضي الله عنه: همُ الذين إذا اجتمعوا ضرّوا وإذا تفرّقوا نفعوا؛ فقيل له: قد علِمنا مضرَّةَ اجتماعهم فما منفعةُ افتراقهم؟ فقال: يرجِعُ أصحاب المهن إلى مهنهم، فينتفعُ الناس بهم، كرجوع البنّاء إلى بنائِه، والنسَّاجِ إلى مَنْسجه، والخبَّازُ إلى مَخْبزه. وكان الحسن البصري إذا ذُكِرَ الغوغاءُ والسُّوَق يقول: قتلةُ الأنبياء، وكانوا يقولون: العامَّة كالبحر إذا هاج أهلك راكبَه، وكان المأمون الخليفة العباسي يقول: كلُّ شرٍّ وظلمٍ في العالم فهو صادرٌ عن العامة والغوغاء، لأنّهم قتلة الأنبياء، والسُّعاة بينَ العلماء، والنَّمَّامون بين الأوِدَّاء، ومنهم اللُّصوص