قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ}. . . زحفاً حال من الذين كفروا، والزحفُ: الجيش الكثير الذي يُرى لكثرته كأنّه يزحف،: أي يَدِبُّ دَبيباً، من زحف الصبي: إذا دبَّ على اسْته قليلاً قليلاً، سُمِّى بالمصدر، والجمع: زحوف، والمعنى: إذا لقيتموهم للقتال وهم كثير متوافِرون وأنْتم قليلٌ فلا تفرُّوا، فضلاً أنْ تُدانوهم في العدد، أو تساووهم. . . وقال سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ، وَأَطِيعُواْ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}. . . . إذا لقيتم فئة: إذا حاربتم جماعة، فاثبتوا: لا تفرُّوا، واذكروا الله كثيراً: اذكروه سبحانه في مواطن الحرب، مستظهرين بذكره مترقِّبين لنصره، وفي هذا إشعارٌ بأنّ على الإنسان أن لا يفتُرَ عن ذكر ربّه أشغل ما يكون قلباً وأكثر ما يكون همّاً، وأن تكون نفسُه مُجْتَمِعةً لذلك وإن كانت متوزِّعةً عن غيره، وفَشِل يَفْشَل: ضَعُفَ وجَبُنَ وذهبت قُواه، يقول سبحانه: إذا اختلفتم ضعُفتم وإذا اتفقتم كنتم أقوياء، والريح: الدولة، شُبّهت في نفوذ أمرها وتمشِّيه بالريح وهبوبها، ومن ذا يقال: هبَّت ريحُ فلان: إذا دالت له الدولةُ ونفذ أمره وقال أبو بكر الصديق لخالد بن الوليد حين وجّهه لقتال أهل الرِّدة: