يُحكى أنَّ رجلاً كان له عبدٌ سِنديٌّ، فتعرَّض لامْرأتِه، فعلم الرجلُ بذلك، فأخذه وجَبَّه، ثم تحوَّب لذلك، فداواه، فلمّا بَرَأ اتَّفقَ أنْ غابَ الرجلُ يوماً، فَعمَدَ السِّندي المَجبوبُ إلى ابنينِ كانا لسيّده فأخذَهما وصعدَ السُّورَ، فلما بُصرَ بالرّجل قال: واللهِ إنْ لم تَجُبَّ نفسَك كما جَبَبْتَني لأقذفنَّهما من السور لِيَموتا، وإنّ نفسي لأهون من شربة ماء، فلمّا رأى الرجلُ منه الجِدّ جبَّ نفسه، فرمى العبدُ بالابنينِ من السورِ وقال: إنَّ جبَّك نفسَك قِصاصٌ لما جَبَبْتَني،
وقتلَ ابنيكَ زيادةٌ أعْطيْتُكَها. . .
وتزعم العرب: أن أخويْنِ كانا في إبلٍ لهما، فأجْدَبتْ بِلادُهما، وكان بالقرب منهما وادٍ خصيبٌ وفيه حيّةٌ تَحميه مِنْ كلِّ أحد، فقال أحدُهما للآخر: يا فلان، لو أني أتيت هذا الواديَ المُكْلِئَ فرعيت فيه إبلي وأصلَحْتُها؟ فقال له أخوه: إني أخاف عليك الحيَّة، ألا ترى أن أحداً لا يهبط ذلك الوادي إلا أهلَكَتْه، قال: فَوَالله لأفْعَلنَّ، فهبط الوادي ورعى به إبلَه زَماناً، ثمَّ إن الحيَّة نهشَتْه فقتلته، فقال أخوه: واللهِ ما في الحياة بعدَ أخي خيرٌ، فَلأطلُبنَّ الحيّةَ ولأقتلنّها، أو لأتْبَعَنْ أخي، فهبط ذلك الوادي وطلب الحيَّة ليقْتلَها طلباً بثأره، فقالت له الحيّةُ: فهل لك في الصُّلْحِ، فأدعُك بهذا الوادي تكونُ فيه وأعطيك كلَّ يومٍ ديناراً ما بَقيت؟ قال أوَ فاعِلةٌ أنتِ؟ قالت: نعم، قال: إني أفعل، فحلف لها وأعْطى المواثيقَ: لا يَضرها، وجعلَتْ تعطيهِ كلَّ يوم ديناراً، فكثر ماله حتى صار من أحسنِ الناسِ حالاً؛ ثم إنّه ذكر أخاه فقال: كيف ينفعُني العيشُ وأنا