لا عَفْوَ عَنْ مِثْلِهِمْ في مِثلِ ما طَلبوا ... لكنَّ ذلكَ كانَ الهُلكَ والعَطَبا
عَلامَ تَقْبلُ مِنْهُمْ فِدْيةً وهُمُ ... لا فِضَّةً قَبلوا مِنّا ولا ذَهَبا
وكتب يحيى بن خالد البرمكيّ إلى الرشيد من الحبس: إنْ كانَ الذنْبُ خاصَّاً. فلا تُعَمِّم بالعُقوبة، فَمَعي سَلامَةُ البَريءِ ومودَّة الوليّ؛ فكتَبَ إليه: قُضيَ الأمْرُ الذي فيه تستفتيان. . .
وقال بعضُهُمْ لأبي جعفر المنصور: لقد هجمت بالعقوبة حتّى كأنّك لم تَسْمَعْ بالعفوِ! فقال: لأن بني مروان لم تَبْلَ رِمَمُهُمْ، وآلُ أبي طالب لم تُغْمدْ سُيوفُهم، ونَحْنُ بينَ أقوامٍ قَدْ رأوْنا بالأمْسِ سُوقةً واليومَ خُلفاء، فليس تتمهَّد الهيبةُ في صُدورهم إلا باطّراحِ العفوِ واستعمالِ العُقوبة. . .
[التبجح بقسوة القلب وقلة الرحمة]
كان محمدُ بن عبد الملك الزيّات وزيرُ المعتصم والواثق قد اتّخذ تنُّوراً من حديد، وأطرافُ مساميره قائمةٌ مثل رؤوس المَسالّ، في أيّام وزارته وكان يعذِّب فيه المصادرين وأربابَ الدواوين المطلوبين بالأموال، فيجِدون لذلك أشدَّ الألم، ولم يسبقْه أحدٌ إلى هذا النوع من العقاب، وكان إذا قال له أحدٌ منهم: أيّها الوزير، ارْحمني، يقول له: الرحمة خَوَرٌ في الطبيعة، فلما