يأساً مردود إلى قوله تهلك يقول: لا تهلك يأساً. وقوله: فإن المرء. . . البيتُ يقول: إنّ المرء يجزع أن يهانَ كان وحده أو في جماعة
لا تلهفنَّ على ما فاتك
ونُورد هنا هذا المثل البديع وإن كانت شهرته قد كادت تبتذله. . . روى الشَّعْبيُّ: أنّ رجلاً من بني إسرائيل صاد قُبَّرةً، فقالت: ما تريد أن تصنعَ بي؟ قال أذْبَحُكِ فآكلك! قالت: والله ما أشْفي من قَرَمٍ ولا أغْني من جوع، أُعلِّمك ثلاثَ خصالٍ هي خيرٌ لك من أكلي: أما الواحدة فأُعلِّمُكَها وأنا في يدك، والثانيةُ إذا صرْتُ على هذه الشجرة، والثالثةُ إذا صِرْتُ على الجبلِ، فقال: هاتي! قالت: لا تلهَفَنَّ على ما فاتك، فَخلّى عنها، فلمّا صارت فوق الشجرة قال: هاتي الثانية، قالت: لا تُصَدِّق بما لا يكون أنّه يكون، ثم طارت فصارت على الجبل، فقالت: يا شقيُّ! لو ذَبَحْتَني لأخْرَجْتَ مِنْ حَوْصَلتي دُرَّةً فيها زِنةُ عشرينَ مِثقالاً! قال: فعَضَّ على شَفَتَيْه وتلهَّفَ؛ ثم قال: هاتي الثالثة، قالت له: أنْت قدْ نَسيتَ الاثنتين، فكيفَ أعلِّمك الثالثة! ألَمْ أقُلْْ لك لا تلهفنَّ على ما فاتك؟ فقد تَلهَّفْتَ عليَّ إذْ فُتُّكَ، وقلتُ لك