عوفٍ، إنّها رحمةٌ، ثمَّ أتبعها بأخرى - أي أتبعَ الدمعةَ الأولى بأخرى - وقال صلواتُ اللهِ عليه: إنّ العينَ تدمعُ، والقلبَ يحزنُ، ولا نقول إلا ما يُرضي الله، وإنّا بفِراقِك يا إبراهيمُ لمَحْزونون). . قوله صلوات الله عليه: ولا نقول إلا ما يُرضي اللهَ وفي رواية: ولا نقول ما يُسخِطُ الرّب: أي من النّياحة والصُّراخ وما إلى ذلك ممّا يُوجب سُخْطَ الله عز وجل وقيل لأعرابيٍّ: اصبر فالصَّبرُ أجرٌ، فقال: أعلى اللهِ أتَجَلَّد! واللهِ: لَلْجَزَعُ أحبُّ إليه، لأنَّ الجزعَ استكانةٌ والصبرَ قَساوة. . . وقيل لفيلسوف: أخرجِ الحُزنَ من قلبك فقال: لم يَدْخُلْه بإذْني فأخْرِجُه بإذني. . . وأفرطت امرأةٌ في الجزعِ على ابنها، فعُوتبت في ذلك، فقالت: إذا وقعَ حكمُ الضَّروريّات لم يَقَعْ عليها حكمُ المُكْتَسبات، فأمّا جَزعي فليسَ في الطَّاقةِ صرفُه، ولا في القُدْرَةِ مَنْعُه، ولي عُذْرٌ للضّرورة، فإنّ اللهَ تعالى يقول:{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ}. . .
[في البكاء تخفيف من الحزن]
قال ابن عبّاسٍ رضي اللهُ عنه: كنتُ إذا أصابتني مُصيبةٌ وأنا شابٌّ لا أبكي، وكان يُؤذيني ذلك، حتّى سَمِعْت أعرابيّاً ينشد: