للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سياسةُ الأبْدانِ بِما يُصلِحُها من الطعام وغيرِه

قال الحجّاج بنُ يوسف الثقفيّ لِتَياذوقَ مُتَطبِّبه: صِفْ لي صِفةً آخذُ بها ولا أعْدوها، قال: تياذوقُ: لا تتزوَّج منَ النساءِ إلا شابَّةً، ولا تأكلْ مِنَ اللَّحْمِ إلا فتيّاً، ولا تأكلْه حتّى يُنْعَمَ طبْخُه، ولا تَشْربنَّ دواءً إلا مِنْ عِلَّةٍ، ولا تأكلْ مِنَ الفاكِهةِ إلا نَضيجَها، ولا تأكلْ طعاماً إلا أجدْتَ مَضْغَه، وكُلْ ما أحْبَبْتَ مِنَ الطَّعامِ واشْرَبْ عليه، وإذا شرِبْتَ فلا تأكلْ عليهِ شَيْئاً، ولا تَحْبِسِ الغائِطَ والبولَ، وإذا أكلْتَ بالنَّهارِ فَنَمْ، وإذا أكلْتَ بالليلِ فَتَمَشَّ ولو خمسينَ

خطوةً. . . فقال له بعضُ مَنْ حضر: إذا كان الأمْرُ كما تقول فلِمَ هلك أبُقراط ولِمَ هلكَ جالينوس وغيرهما ولم يبقَ أحدٌ منهم؟ قال: يا بُنَيَّ، قد احْتَجَجْتَ فاسْمَعْ: إنَّ القومَ دَبَّروا أنفسَهُمْ بِما يَمْلِكون، وغلَبَهمْ ما لا يَمْلِكون - يعني الموتَ وما يَرِدُ مِنْ خارج، كالحرّ والبرد والوقوع والغرق والغمّ وما أشبه ذلك -. . . . وقال تياذوق أيضاً للحَجَّاج: أرْبعةٌ تَهْدُمُ العمرَ وربَّما قتلْنَ: دُخولُ الحَمّامِ على بِطْنةٍ، والمُجامَعةُ على الامتلاء، وأكلُ القديد الجاف، وشُرْبُ الماءِ الباردِ على الرِّيق؛ وما مجامعةُ العُجوزِ بِبَعيدةٍ مِنْهنَّ. . . ووجد الحجّاجُ في رأسِه صُداعاً فبَعثَ إلى تياذوقَ وأحْضره، فقال: اغْسلْ رِجْلَيْك بماءٍ حارٍّ وادْهَنْهما، وخَصِيٌّ للحجّاجِ قائمٌ على رأسه، فقال الخصيُّ: واللهِ، ما رأيْتُ طبيباً أقلَّ معرفةً