للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بناتُ الثرى: الدّود. . .

ونزل النعمانُ بنُ المنذر ومعه عَدِيُّ بنُ زَيدٍ العِبادِيُّ في ظل شجرةٍ عظيمةٍ ليلْهُوا: فقال له عديّ: أتَدْري ما تقولُ هذه الشجرةُ؟ قال: لا، قال: تقول:

رُبَّ رَكْبٍ قدْ أناخُوا حَوْلَنا ... يَمزُجُونَ الخَمْرَ بالماءِ الزُّلالِ

ثُمَّ أضْحَوْا عَصَفَ الدَّهْرُ بِهِمْ ... وكَذاكَ الدَّهْرُ حالاً بَعْدَ حالِ

ونظرت امرأةٌ إلى جعفر بنِ يحيى البَرْمكيِّ وزيرِ الرشيد، وهو مصلوبٌ فقالت: لئِن كنتَ في الحياة غايةً فلقد صِرْت في المَمات آيةً. . . ولما مات الإسكندرُ المقدونيُّ وقف عليه أرسطو الفيلسوف فقال: طالما كان هذا الشخصُ واعِظاً بليغاً، وما وَعَظَ بموعظةٍ في حياتِه أبلغَ من عِظَتِه في مَماتِه، أخذ هذا المعنى أبو العتاهية فقال:

وكانَتْ في حَياتِكَ لي عِظَاتٌ ... وأنْتَ اليومَ أوْعَظُ مِنكَ حيَّا

من مات فَقَدْ تناهى في البعد

قال النّابِغةُ الذُّبيانيُّ:

حَسْبُ الخَليلَيْنِ نَأيُ الأرْضِ بينَهما ... هذا علَيْها وهذا تَحْتَها بالِي

وقال أبو حَيّةَ النُّميريُّ:

فلا غائِبٌ مَنْ كان يُرْجَى إيابُه ... ولكِنَّه مَنْ ضُمِّنَ اللَّحْدَ غائِبُ